إليسا ترد علي مهاجميها جراء عملها أثناء الحرب علي غزة “راح أستمر اشتغل ماراح اوقف نهائياً”

في زمن الأزمات والنزاعات، يتعالى الحديث عن دور الفن والفنانين في تحمل المسؤولية الوطنية والاجتماعية. وقد أثارت الفنانة اللبنانية إليسا هذا النقاش مؤخرًا عبر منصات التواصل الاجتماعي، داعيةً إلى عدم “المزايدة” على الفنانين بموضوع الوطنية، خاصةً عندما يُطالبون بإيقاف أنشطتهم الفنية كنوع من التضامن مع الضحايا في الأحداث الجارية تُطرح الأسئلة الجوهرية حول ماهية الفن والغرض منه. هل يُعد الفن مرآة للواقع ومعبرًا عن هموم الناس وآلامهم؟ أم أنه ملاذ يبحث فيه الناس عن الراحة والهروب من قسوة الواقع؟

تعتبر إليسا أن الفن مهنة ورسالة في آنٍ واحد، وأن الفنانين لديهم الحق في مواصلة أعمالهم حتى في أحلك الظروف. تشدد على أن هذا الاستمرار ليس نابعًا من قلة الوعي أو الإحساس بالمسؤولية، بل هو جزء من الصراع من أجل البقاء وتأمين الرزق.

الفنان بين الرسالة والرزق

تتباين الآراء حول مدى تأثير الفنانين في المجتمع ومسؤوليتهم تجاه القضايا الكبرى. يرى البعض أن الفنان، بفضل منصته الواسعة، يملك القدرة على التأثير في الرأي العام ويجب عليه استخدام صوته لتسليط الضوء على الظلم والمعاناة من ناحية أخرى، يدافع آخرون عن حق الفنان في الفصل بين مهنته ومواقفه الشخصية، مؤكدين أن الفن لا يجب أن يخضع لشروط ومطالبات السياسة أو الوطنية الضيقة. يجادلون بأن وظيفة الفن هي إثارة الجمال والسعادة وتوفير مساحة للتعبير عن الذات وليس فقط منبرًا للنضال السياسي في نهاية المطاف، يواجه الفنانون تحديًا كبيرًا في الحفاظ على توازن بين هويتهم الفنية ومسؤولياتهم كأفراد في مجتمع يعاني. يجب على الفنان أن يحدد لنفسه إلى أي مدى يستطيع ويجب أن يتجاوب مع الأحداث الجارية، وأن يقرر كيف يمكنه المساهمة بشكل إيجابي دون التضحية بمسيرته الفنية أو تجاهل قضايا مجتمعه.

الفنانون مثل إليسا يُظهرون لنا أن الفن يمكن أن يكون وسيلة للتعبير عن الرأي وأداة للتغيير الاجتماعي، لكن في الوقت نفسه، هو أيضًا وسيلة للعيش والاستمرارية. لا ينبغي المزايدة على الفنانين بالوطنية، بل ينبغي تقدير مساهمتهم في إثراء الحوار الثقافي والاجتماعي، وفي الوقت نفسه، احترام خياراتهم الشخصية والمهنية يبقى الفن مساحة متعددة الأبعاد يمكن من خلالها استكشاف معاني الوطنية والهوية والتعبير عنها بطرق متنوعة. يجب على المجتمع احترام التنوع في الآراء والمواقف، وعدم فرض توقعات غير واقعية على الفنانين. في النهاية، الفن هو جسر يربط بين الأفراد بمختلف خلفياتهم وقناة للتعبير عن الذات والتضامن الإنساني.