
مع اقتراب عودة الطلاب إلى فصولهم الدراسية وانتهاء العطلة الصيفية تواجه الأمهات تحديا سنويا يتمثل في تهيئة أطفالهن نفسيا وجسديا للانتقال السلس من أجواء الراحة واللعب إلى روتين المدرسة المنظم والمليء بالواجبات والأنشطة التعليمية. ويقدم خبراء التربية وعلم النفس مجموعة من الإرشادات العملية التي تحول هذه الفترة الانتقالية إلى تجربة إيجابية ومحفزة للطفل.
يعد الإعداد النفسي والعاطفي للطفل حجر الزاوية في تمهيده للعام الدراسي الجديد. ومن الضروري فتح حوار صريح ومفتوح مع الطفل حول مشاعره ومخاوفه المحتملة من العودة إلى المدرسة. يجب على الأمهات طمأنة أطفالهن بأن الشعور ببعض القلق هو أمر طبيعي تماما ويحدث للكثيرين. ويمكن استخدام القصص التي تتناول تجارب اليوم الدراسي الأول بشكل إيجابي لتخفيف حدة التوتر. كما أن تنظيم زيارة مسبقة للمدرسة بصحبة الطفل لرؤية فصله الدراسي والتعرف على معلمه وساحات اللعب يساعد بشكل كبير في كسر حاجز الخوف ويجعل المكان مألوفا ومريحا له قبل بدء الدراسة رسميا.
التعديل التدريجي للروتين اليومي خطوة لا غنى عنها لضمان تأقلم الطفل بسهولة. ينصح الخبراء بضرورة البدء في ضبط مواعيد النوم والاستيقاظ قبل انطلاق الدراسة بأسبوعين على الأقل لتجنب الإرهاق والصدمة في الأيام الأولى. ويمكن ممارسة طقوس الروتين المدرسي داخل المنزل مثل تحديد أوقات منتظمة للوجبات وأوقات للراحة وتعليم الطفل مهارات الاعتماد على النفس كتجهيز حقيبته المدرسية واختيار ملابسه لليوم التالي مما يعزز استقلاليته ويقلل من الضغط الصباحي على الأسرة بأكملها.
يلعب الاهتمام بالصحة الجسدية دورا محوريا في قدرة الطفل على التركيز والأداء الأكاديمي. فالحصول على قسط كاف من النوم لا يقل أهمية عن التحضير للدروس إذ يساعد على تحسين الذاكرة والمزاج العام. كما أن وجبة الإفطار الصحية والمتوازنة تعد وقودا أساسيا للعقل والجسم وتمنح الطفل الطاقة اللازمة ليوم دراسي حافل بالنشاط والتعلم.
تجهيز بيئة تعليمية مناسبة في المنزل يساهم في تشجيع الطفل على الدراسة. يتطلب ذلك تخصيص مكان هادئ ومنظم ومجهز جيدا لأداء الواجبات المدرسية بعيدا عن المشتتات مثل التلفاز والأجهزة الإلكترونية. ويجب التأكد من توفير جميع الأدوات واللوازم التي يحتاجها الطفل مسبقا فهذا يعطيه شعورا بالاستعداد والجاهزية ويمنع التوتر المرتبط بالبحث عن أغراضه في اللحظات الأخيرة.
تنمية المهارات الاجتماعية تعتبر جزءا أساسيا من التحضير للمدرسة. يجب تعليم الطفل كيفية المبادرة لتكوين صداقات جديدة وأهمية الاستماع لزملائه ومشاركة الأدوات والألعاب معهم. ويرتبط ذلك بتعزيز عادات النظافة الشخصية مثل غسل اليدين بانتظام والتي تعتبر مهارة حياتية ضرورية للحفاظ على صحته وصحة من حوله في البيئة المدرسية.
يبقى التواصل المستمر بين الأسرة والمدرسة عاملا حاسما في نجاح التجربة التعليمية. يساعد تعرف الأهل على جدول الحصص والأنشطة وقواعد السلوك المتبعة في المدرسة على تهيئة الطفل بشكل أفضل. كما أن الدعم الأسري والتشجيع المستمر يعززان ثقة الطفل بنفسه. فتهنئته على إنجازاته مهما كانت صغيرة والتحدث معه يوميا عن تفاصيل يومه الدراسي يمنحه الدعم العاطفي الذي يحتاجه لمواجهة أي تحديات قد تعترضه.