
تعتمد شركة “بي بي” (BP) بشكل متزايد على تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحسين عمليات حفر الآبار النفطية، حيث نجحت في تقليص المدة المطلوبة لتخطيط مسارات الآبار من أشهر إلى أيام فقط، وسط مساعيها لتعزيز كفاءتها التشغيلية ورفع أرباحها، خاصة بعد عودتها للتركيز على الوقود الأحفوري وسط ضغوط من المستثمرين لتحسين أدائها المالي.
طورت “بي بي” أداة ذكية تحلل آلاف السيناريوهات الجيولوجية في مركزها التكنولوجي بهيوستن لتحديد أفضل مسار لحفر الآبار، مما يسهم في تقليل التكاليف وزيادة الإنتاجية. وتعد هذه الخطوة جزءاً من استراتيجية أوسع للشركة تستهدف تحقيق المزيد بموارد أقل، عبر خفض النفقات وزيادة العوائد للمساهمين.
وقال إيميكا إيميمبولو، نائب الرئيس التنفيذي للتكنولوجيا في” بي بي”: “هذه الأداة تُقلص الوقت اللازم من شهور إلى أيام. إنها تغيير جذري في أسلوب عملنا، وتُحقق نتائج أفضل في الآبار التي نحفرها”.
ويأتي ذلك فيما تتبنى العديد من شركات النفط الكبرى الذكاء الاصطناعي، حيث استخدمته “إكسون موبيل” لتطوير أحد مشاريعها الرئيسية في غيانا، وساهمت تقنيات الحفر الذاتي في تحسين إنتاجية صناعة النفط الصخري في الولايات المتحدة.
يمثل هذا التوجه أهمية بالغة لشركة “بي بي”، التي تواجه ضغوطاً من مساهمين غير راضين ومستثمرين نشطين مثل “إليوت إنفستمنت مانجمنت”، وتسعى لتحسين أدائها المالي عبر تسريع النمو ورفع الأرباح.
وبعد سنوات من التركيز على الطاقة النظيفة، عادت عمليات الحفر لتتبوأ مكانة محورية في استراتيجية “بي بي” الجديدة، التي يقودها الرئيس التنفيذي موراي أوشينكلوس، وتهدف إلى تقليص الإنفاق وزيادة العائدات المالية وتوزيع أرباح أكبر على المساهمين.
وفي إطار تحقيق هذه الأهداف، تسعى “بي بي” إلى دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في مختلف أنشطتها، بحسب ما أوضحه إيميمبولو في مقابلة من لندن، حيث يُشارك في مؤتمر “أسبوع التكنولوجيا”.
قال إيميمبولو: “أولوياتنا التكنولوجية أساسية لتعزيز إنتاج النفط والغاز، وتحسين أداء قطاع المصب، ودعم استثماراتنا في التحول الطاقي بانضباط مالي”.
بدأ استخدام أداة تحسين عمليات الحفر فعلياً في عدة مواقع، من بينها خليج المكسيك –أحد المواقع الرئيسية لنمو إنتاج النفط الأميركي هذا العام– وأذربيجان، التي أعلنت “بي بي” فيها مؤخراً عن تقدم مشروع غاز طبيعي بقيمة 2.9 مليار دولار.
وفي منطقة إيغل فورد النفطية بولاية تكساس، أشار إيميمبولو إلى أن التقارير التي تعدها أدوات الاصطناعي في بداية العمل تساعد العاملين على تحديد المهام الأكثر إلحاحاً، ما يقلل من الوقت المهدر في التنقل.
أما في مصفاة ويتينغ قرب شيكاغو، التي تعالج كميات كبيرة من النفط الخام الكندي، فتتعاون “بي بي” مع شركة “بالانتيير تكنولوجيز” (Palantir Technologies) لتضمين مهندسي بيانات في الموقع بهدف تحسين الكفاءة وتقليل التكاليف وزيادة الجاهزية التشغيلية.
لا يقتصر استخدام الذكاء الاصطناعي على أنشطة النفط والغاز، بل يمتد إلى مجالات أخرى مثل اختيار المواقع المثلى لشواحن السيارات الكهربائية فائقة السرعة، وتقديم إشعارات للسائقين في الهند لتجنب الازدحام في محطات الوقود، ومساعدة مديري المتاجر في ألمانيا على تقدير الكميات المناسبة من المخبوزات اليومية.
واختتم إيميمبولو قائلاً: “نحن ننظر في التكاليف من جميع الزوايا. لا يوجد ما هو كبير جداً أو صغير جداً لتطبيق الذكاء الاصطناعي عليه”.
اقتصاد الشرق