
خلافا للاعتقاد الشائع بأن الصداع النصفي يهاجم بشكل مفاجئ فإن النوبة تبدأ في الواقع قبل وقت طويل من الشعور بالألم الحقيقي حيث يرسل الجسم إشارات تحذيرية خفية قد تظهر قبل يوم أو يومين من بدء الصداع الفعلي وتعرف هذه المرحلة بالمرحلة التمهيدية أو البادرية.
تسبق نوبة الصداع النصفي مجموعة من الأعراض التي تمثل إنذارا مبكرا وتستمر أحيانا لمدة تصل إلى ثلاثة أيام ويعد التعرف على هذه العلامات أمرا بالغ الأهمية للمرضى لأنه يتيح لهم فرصة التدخل المبكر واتخاذ إجراءات وقائية قد تقلل من شدة النوبة القادمة وتساعدهم على استعادة توازن حياتهم اليومية.
وتشمل أبرز هذه العلامات المبكرة تغيرات ملحوظة في الشهية قد تظهر على شكل رغبة ملحة لتناول أطعمة معينة كالشوكولاتة أو الأطعمة المالحة بالإضافة إلى اضطراب في حرارة الجسم يتمثل في الشعور بالبرودة الشديدة أو التعرق المفاجئ دون سبب واضح.
كما يعاني بعض المرضى من زيادة الشعور بالعطش وكثرة التبول نتيجة حدوث اضطراب في توازن الهرمونات والسوائل بالجسم فضلا عن تقلبات مزاجية حادة تتراوح بين العصبية المفرطة والشعور بنشاط غير اعتيادي أو الانغماس في حزن مفاجئ.
ويعد الشعور بألم أو تيبس في منطقة الرقبة من العلامات الجسدية الشائعة التي تنذر باقتراب النوبة إلى جانب اضطرابات النوم مثل صعوبة الخلود إلى النوم أو الاستيقاظ مع شعور بالإرهاق الشديد.
ومن الإشارات التحذيرية الأخرى ظهور حساسية مفرطة تجاه الضوء والأصوات وتورم في الأطراف بسبب احتباس السوائل واضطرابات في الرؤية مثل ضبابية النظر والتثاؤب المفرط الذي لا يمكن السيطرة عليه وكل هذه الأعراض ما هي إلا انعكاس لتغيرات عصبية معقدة تحدث في الدماغ قبل بدء الألم.
من الضروري التمييز بين المرحلة التمهيدية للصداع النصفي ومرحلة الأورة التي قد يخلط البعض بينهما فالطور التمهيدي يبدأ قبل يوم أو يومين من النوبة ويتضمن أعراضا عامة تؤثر على المزاج والشهية ووظائف الجسم بينما الأورة تحدث قبل النوبة بدقائق معدودة وقد تستمر لساعة وتشمل أعراضا عصبية حادة مثل رؤية وميض ضوئي أو مواجهة صعوبة في الكلام أو مشكلات في السمع. وتجدر الإشارة إلى أن مرحلة الأورة لا تصيب جميع مرضى الصداع النصفي بعكس المرحلة التمهيدية التي تعد أكثر شيوعا.
عند ملاحظة أي من هذه العلامات المبكرة ينصح الخبراء باتباع خطوات فورية للتعامل مع النوبة المحتملة وتشمل هذه الإجراءات تناول الأدوية التي وصفها الطبيب فور الشعور بالأعراض الأولى والانتقال فورا إلى غرفة هادئة ومظلمة لتقليل أي محفزات خارجية.
ويساعد استخدام الكمادات الباردة على الرأس والرقبة في تخفيف الضغط والألم كما أن شرب كميات كافية من الماء بانتظام يمنع الجفاف الذي قد يزيد من حدة الصداع وينصح كذلك بتجنب المثيرات المعروفة مثل الروائح القوية والضوضاء الصاخبة والإضاءة الشديدة.
وللحد من تكرار نوبات الصداع النصفي على المدى الطويل يوصى بتبني استراتيجيات وقائية مستمرة ترتكز على الحفاظ على نمط حياة صحي ويتضمن ذلك الحصول على قسط كاف من النوم العميق والمنتظم وممارسة التمارين الرياضية المعتدلة مثل المشي أو اليوغا.
ويساهم تقليل استهلاك الكافيين بشكل كبير في استقرار الحالة كما أن تدوين يوميات للصداع يساعد المريض على تحديد المحفزات الخاصة به وتجنبها مستقبلا بالإضافة إلى أهمية التحكم في مستويات التوتر والضغط النفسي من خلال ممارسة تقنيات التأمل أو تمارين الاسترخاء.