
كشفت دراسة بحثية أولية عن الأثر القاتل للتغير المناخى في أوروبا خلال الصيف الماضي حيث ربطت بين ارتفاع درجات الحرارة غير المسبوق ووفاة آلاف الأشخاص في كبرى المدن الأوروبية وهي وفيات ما كانت لتحدث لولا ظاهرة الاحتباس الحراري التي يسببها النشاط البشري.
توصل الباحثون القائمون على الدراسة التي شملت 854 مدينة أوروبية إلى أن تغير المناخ مسؤول بشكل مباشر عن وفاة ما يزيد على 15 ألف شخص خلال موجات الحر الشديدة وتتراوح التقديرات الدقيقة بين 15013 و17864 حالة وفاة كان من الممكن تجنبها لو بقيت درجات الحرارة عند مستوياتها الطبيعية قبل تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري.
هذه الدراسة التي تعتبر التقدير واسع النطاق الأول من نوعه لتقييم الآثار الصحية المباشرة للحرارة المرتفعة في أوروبا توصلت إلى أن إجمالي الوفيات المرتبطة بالحرارة هذا الصيف بلغ حوالي 24400 حالة وفاة وأن 68% من هذه الحالات أي أكثر من الثلثين تعزى مباشرة إلى التغير المناخي.
اعتمد الباحثون في نتائجهم على منهجية علمية محددة حيث قاموا أولا بإنشاء نموذج يحاكي الظروف المناخية في المدن المستهدفة بدون تأثير الاحتباس الحراري ووجدوا أن متوسط درجات الحرارة كان ليكون أقل بمقدار 2.2 درجة مئوية ثم قارنوا هذه البيانات الافتراضية مع البيانات التاريخية الفعلية للوفيات المرتبطة بالحرارة في كل مدينة لتحديد عدد الوفيات الزائدة التي سببها هذا الفارق في درجات الحرارة.
أظهرت البيانات تفاوتا في التأثير بين المدن المختلفة ففي روما وحدها أسهم الاحتباس الحراري في أكثر من 800 حالة وفاة وفي أثينا تجاوز العدد 600 حالة بينما سجلت باريس أكثر من 400 حالة وفاة مرتبطة بشكل مباشر بالتغير المناخي وكان كبار السن هم الفئة الأكثر تضررا بشكل كبير حيث إن أكثر من 85% من هذه الوفيات حدثت بين أشخاص تزيد أعمارهم عن 65 عاما.
تأتي هذه الأرقام في سياق صيف هو الأكثر حرارة على الإطلاق في سجلات عدة دول أوروبية منها إسبانيا والبرتغال والمملكة المتحدة ومن المعروف علميا أن للحرارة الشديدة آثارا صحية وخيمة تشمل تفاقم أمراض القلب والأوعية الدموية والإصابة بالجفاف الشديد والتسبب في اضطرابات النوم.
على الرغم من أن هذه الأرقام تمثل تقديرا سريعا ولم تنشر بعد في مجلة علمية محكّمة إلا أن العديد من الخبراء خارج نطاق الدراسة أثنوا على المنهجية المتبعة ووصفوها بالصحيحة علميا بل وأشار بعضهم إلى أن هذه التقديرات قد تكون متحفظة وأن العدد الحقيقي للوفيات الناجمة عن التغير المناخي قد يكون أعلى من ذلك.