
انتشرت في بيوت كثيرة مؤخرا ظاهرة الانفصال العاطفي بين الأزواج وهو نوع من الطلاق غير الموثق رسميا لكنه يعصف باستقرار الأسرة من الداخل حيث يعيش الزوجان كالغرباء تحت سقف واحد وتتحول علاقتهما إلى مجرد شراكة صامتة ومؤلمة لإدارة شؤون المنزل وتربية الأبناء أمام الآخرين.
تتعدد الأسباب التي تؤدي إلى هذا الموت البطيء للعلاقة الزوجية حيث يتسلل البرود تدريجيا نتيجة تراكمات طويلة من الإهمال العاطفي وتجاهل الاحتياجات النفسية للشريك كما يلعب الروتين اليومي دورا كبيرا في تآكل المشاعر عندما تغيب أي محاولات للتجديد وكسر الملل بالإضافة إلى ضعف القدرة على التواصل والتفاهم أو وقوع خيانات تترك جرحا عميقا وشعورا بالخذلان حتى لو لم يتم الكشف عنها.
يمكن التعرف على هذه الحالة من خلال عدة علامات واضحة تبدأ بغياب الحوار الحقيقي واقتصار الأحاديث على الأمور الضرورية والمسؤوليات اليومية فقط ويتبع ذلك انعدام تام للمشاعر فلا يشعر أي طرف بافتقاد الآخر أو يبادر بإظهار الحب والاهتمام وينعزل كل منهما في عالمه الخاص حتى أثناء وجودهما في نفس المكان كما تفتر العلاقة الحميمية أو تنقطع تماما وإن حدثت تكون بلا روح أو رغبة حقيقية ليشعر كل طرف في النهاية بأنه غير مهم في حياة الآخر.
يظل الكثير من الأزواج في هذه العلاقة المنتهية فعليا بسبب الخوف من الطلاق الرسمي وتبعاته فهم يخشون من نظرة المجتمع أو يفضلون البقاء من أجل الحفاظ على شكل الأسرة أمام الأطفال معتقدين أن هذا هو الحل الأفضل لكنهم في الحقيقة يعيشون في سجن نفسي يدمرهم ببطء.
مع ذلك يبقى الأمل في إنقاذ العلاقة قائما إذا توفرت الإرادة الصادقة لدى الطرفين ويمكن البدء في إعادة بناء ما تهدم من خلال خطوات عملية تبدأ بالاعتراف بوجود المشكلة بدلا من إنكارها وفتح حوار صريح وهادئ يخلو من اللوم والاتهامات المتبادلة كما يفيد استعادة الذكريات واللحظات الجميلة في إحياء لغة الاهتمام والحب من جديد.
قد تكون الاستعانة بمستشار أسري أو مختص نفسي خطوة ضرورية لتوجيه الزوجين ومساعدتهما على فهم جذور المشكلة ويتطلب الأمر منح الوقت والطاقة الكافية للعلاقة لإنجاحها لكن في بعض الحالات التي يستحيل فيها الإصلاح قد يكون الانفصال الرسمي هو القرار الأصعب ولكنه الأكثر صحة لأنه يحرر الطرفين من علاقة مدمرة ومؤذية نفسيا.