
تشهد المنطقة العربية وكامل النصف الشمالي من الكرة الأرضية مساء اليوم ظاهرة الاعتدال الخريفي التي تعلن البداية الفلكية لفصل الخريف وذلك عند الساعة التاسعة وتسع عشرة دقيقة بتوقيت مكة المكرمة حيث تتعامد الشمس في هذه اللحظة بشكل مباشر فوق خط الاستواء لتبدأ رحلتها الظاهرية جنوبا.
يعود السبب الأساسي لحدوث هذه الظاهرة إلى ميلان محور دوران كوكبنا بزاوية تبلغ نحو 23.5 درجة بالإضافة إلى حركة الأرض المستمرة في مدارها حول الشمس وهذان العاملان معا هما ما يصنعان الفصول الأربعة ويتحكمان في طول النهار والليل على مدار العام.
من أبرز سمات هذا اليوم أن الشمس تشرق من نقطة الشرق الحقيقية وتغرب في نقطة الغرب الحقيقية وهو ما يؤدي إلى تقارب كبير في طول النهار والليل ليصبح كل منهما حوالي 12 ساعة ورغم هذا التقارب يظل النهار أطول ببضع دقائق في خطوط العرض المتوسطة ويعزى ذلك إلى حجم قرص الشمس الظاهري وتأثير الانكسار الجوي الذي يرفع موقع الشمس بصريا عند الأفق مما يؤخر غروبها قليلا.
بعد لحظة الاعتدال تبدأ الشمس رحلتها الظاهرية نحو الجنوب بمعدل يقارب نصف درجة يوميا وهذا التحرك التدريجي يؤدي إلى قصر ساعات النهار بشكل متواصل في نصف الكرة الشمالي ويترتب على ذلك تأثيرات عملية تشمل توجيه الأقمار الصناعية وكفاءة الألواح الشمسية كما يعد إشارة لبدء هجرة الطيور جنوبا بحثا عن الدفء.
يستمر فصل الخريف لمدة 89 يوما و20 ساعة و43 دقيقة لينتهي مع حدوث الانقلاب الشتوي في 21 ديسمبر المقبل ومن الجدير بالذكر أن موعد الاعتدال قد يتغير بين 21 و 24 سبتمبر من عام لآخر بسبب الفارق بين طول السنة الشمسية الحقيقي والتقويم الميلادي والذي يتم تعديله عبر السنوات الكبيسة.
مع دخول شهر أكتوبر المقبل سيلاحظ أن شروق الشمس أصبح من جهة الجنوب الشرقي بينما يكون غروبها في الأفق الجنوبي الغربي مؤكدا استمرار قصر النهار وطول الليل وفي الوقت نفسه تبدأ مياه البحر في القطب الشمالي بالتجمد بينما يبدأ الجليد في القطب الجنوبي بالذوبان في دورة فصلية متناقضة.
تجسد هذه الظواهر الفلكية الدورية مثل الاعتدالين والانقلابين كيف أن ميل محور الأرض وحركتها المدارية هما المتحكمان الرئيسيان في تغير الفصول وطول ساعات النهار والليل وهي حقائق علمية راسخة تؤكد دقة الحسابات الفلكية المعتمدة منذ القدم.