
يواجه كثيرون معضلة ثبات الوزن رغم اتباعهم حميات غذائية يعتقدون أنها مثالية وصارمة مما يصيبهم بالإحباط بعد أسابيع من الالتزام دون تحقيق نتائج ملموسة. الحقيقة أن المشكلة لا تكمن دائما في كمية الطعام المتناول بل في مجموعة من العادات والتفاصيل الدقيقة التي قد تنسف جهود إنقاص الوزن دون أن يدرك الشخص ذلك.
كثير من الناس يقعون في فخ حساب السعرات الحرارية بشكل خاطئ حيث يركزون على الأرقام فقط متجاهلين جودة هذه السعرات. فالسعرات الحرارية القادمة من البروتين تختلف كليا عن تلك القادمة من السكر فالأولى تعزز الشعور بالشبع وتدعم بناء العضلات بينما الثانية ترفع الأنسولين وتحفز الجسم على تخزين الدهون بسهولة. بالإضافة إلى ذلك يخطئ الغالبية في تقدير أحجام الحصص الغذائية خاصة عند تناول الطعام خارج المنزل أو تذوقه أثناء الطهي مما يؤدي إلى استهلاك سعرات إضافية غير محسوبة.
من الأخطاء المنتشرة أيضا المبالغة في تناول الأطعمة الصحية فبالرغم من الفوائد الغذائية لأصناف مثل المكسرات وزيت الزيتون والأفوكادو إلا أن استهلاكها بكميات كبيرة يضيف للجسم سعرات حرارية فائضة تعيق عملية فقدان الوزن. القاعدة الأساسية هي الاعتدال حتى مع الأطعمة المفيدة فكون الطعام صحيا لا يعني أنه خال من السعرات.
على صعيد آخر يتجاهل البعض السعرات الحرارية المخبأة في المشروبات فالعصائر وحتى الطبيعية منها والقهوة المضاف إليها الحليب والسكر والمشروبات الغازية يمكن أن تضيف مئات السعرات إلى النظام الغذائي اليومي دون أن تمنح شعورا بالشبع. الحل الأمثل يكمن في الاعتماد على الماء بشكل أساسي مع الشاي والقهوة دون إضافات سكرية ومراقبة استهلاك أي مشروبات أخرى حتى تلك التي تسوق على أنها صحية.
يلعب البروتين دورا حيويا في أي نظام غذائي يهدف إلى إنقاص الوزن فهو العنصر الأهم للشعور بالامتلاء لفترة أطول والحفاظ على الكتلة العضلية التي بدورها ترفع معدل حرق الدهون في الجسم. الحميات التي تعتمد بشكل شبه كلي على الخضروات والفواكه وتفتقر إلى مصادر بروتين كافية غالبا ما تؤدي إلى فقدان العضلات بدلا من الدهون مما يبطئ عملية الأيض على المدى الطويل ولهذا يجب الحرص على إدراج مصادر بروتين جيدة مثل البيض أو الدجاج أو البقوليات في كل وجبة رئيسية.
هناك أيضا مجموعة من العادات اليومية التي تؤثر بشكل مباشر على الوزن مثل عدم الحصول على قسط كاف من النوم. قلة النوم تسبب اضطرابا في الهرمونات المسؤولة عن تنظيم الشهية والجوع مما يزيد الرغبة في تناول الأطعمة الغنية بالسكريات والدهون ويدفع الجسم لتخزينها. ينصح الخبراء بالنوم لمدة تتراوح بين سبع وثماني ساعات يوميا وتجنب استخدام الشاشات الإلكترونية قبل النوم بساعة على الأقل لتحسين جودة الراحة.
الاعتماد على ممارسة الرياضة وحدها دون ضبط النظام الغذائي يعد من أكبر الأوهام في عالم الرشاقة. فالرياضة لا تكفي لإنقاص الوزن إذا لم يقترن المجهود البدني بعجز في السعرات الحرارية المتناولة. والأسوأ من ذلك أن البعض يميل إلى مكافأة نفسه بوجبة دسمة بعد التمرين معتقدا أنه يستحقها مما يلغي تماما الفائدة المكتسبة من النشاط البدني. يجب النظر إلى الرياضة كعامل مساعد وداعم للنظام الغذائي وليس بديلا عنه.
كذلك يقع البعض في خطأ تناول الوجبات الخفيفة التي تبدو صحية بكثرة. ألواح البروتين والفواكه المجففة وأنواع الزبادي المنكهة غالبا ما تكون مليئة بالسكريات المضافة والسعرات الحرارية الخفية. من الضروري قراءة الملصقات الغذائية والمكونات بعناية واختيار البدائل الطبيعية مثل الفواكه الطازجة الكاملة أو المكسرات النيئة غير المملحة كوجبات خفيفة.
من الناحية النفسية والسلوكية يعتبر تناول الطعام بسرعة عادة مدمرة لأي محاولة لإنقاص الوزن. يحتاج الدماغ إلى حوالي عشرين دقيقة لكي يستقبل إشارات الشبع من المعدة وتناول الطعام بسرعة يجعل الشخص يستهلك كميات أكبر من حاجته الفعلية قبل أن يدرك أنه شبع. الحل يكمن في تناول الطعام ببطء ومضغ الطعام جيدا والتركيز على الوجبة بعيدا عن المشتتات كالتلفاز أو الهاتف.
أخيرا إن اعتبار الرجيم مرحلة مؤقتة لها بداية ونهاية هو الخطأ الأكبر الذي يضمن عودة الوزن المفقود وربما أكثر. عندما يتوقف الشخص عن الحمية ويعود لعاداته القديمة يستعيد الجسم ما فقده بسرعة. النهج الصحيح هو بناء عادات غذائية صحية ومستدامة يمكن الاستمرار عليها مدى الحياة والتركيز على التوازن والتنوع بدلا من الحرمان الشديد والمؤقت. وعندما يثبت الوزن لفترة وهو أمر طبيعي قد يحدث بسبب احتباس السوائل أو تغيرات هرمونية يجب التحلي بالصبر والاستمرارية بدلا من تغيير النظام الغذائي بشكل متسرع والتركيز على مقاسات الملابس أو شكل الجسم كمؤشرات للتقدم إلى جانب الميزان.