
انطلقت في الإسكندرية واحدة من أكبر مشروعات تطوير النقل الحضاري في مصر، حيث يشكل مشروع مترو الإسكندرية محوراً رئيسياً لتحديث منظومة النقل والبنية التحتية في المدينة. المشروع يمتد على مسافة 21.7 كيلومتر من محطة سكة حديد أبو قير حتى محطة مصر، ويتضمن إنشاء 20 محطة متنوعة بين سطحية وعلوية. يأتي ذلك في ظل تحديات الكثافة السكانية والازدحام المروري بالإسكندرية، ما يجعل هذا المشروع القومي أحد الحلول الاستراتيجية لتحسين جودة الحياة ودعم النمو الحضري.
يرتكز المشروع في مرحلته الأولى على الربط بين محطة مصر ومنطقة أبو قير، إذ يجري إنشاء 6 محطات سطحية و14 محطة علوية. وتجرى في الوقت ذاته أعمال الكمرات والخوازيق والأعمدة والبلاطات الخاصة بالمسار العلوي، فضلًا عن بناء الورش الخاصة بالصيانة والتشغيل في منطقتي أبو قير وكفر عبده. كذلك يتيح المترو تبادل الخدمة مع خطوط سكك حديد القاهرة الإسكندرية عند محطتي مصر وسيدي جابر، إضافة إلى الربط مع ترام الرمل عند محطتي سيدي جابر وفيكتوريا، ما يحوله إلى نقطة محورية تسهل تنقل الركاب وتقليل زمن الرحلات.
ينقل مشروع المترو منظومة النقل داخل المدينة إلى مستوى جديد، إذ يستهدف زيادة الطاقة الاستيعابية إلى 60 ألف راكب في الساعة بالاتجاه الواحد بعدما كانت لا تتجاوز 2850 راكب، مع خفض مدة الرحلة بين محطتي البداية والنهاية من خمسين دقيقة إلى خمس وعشرين دقيقة فقط. كما ستزداد سرعة التشغيل من 25 كيلومتر في الساعة إلى 100 كيلومتر في الساعة، وتُقلص فترة التقاطر بين القطارات من عشر دقائق إلى دقيقتين ونصف، بالتوازي مع إلغاء المعابر والمزلقانات العشوائية وتعزيز الأمان المروري لسكان الإسكندرية.
تتواصل تطلعات المشروع إلى ما هو أبعد من المرحلة الأولى، إذ يجري التخطيط حالياً لاستكمال المرحلتين الثانية والثالثة. المرحلة الثانية تمتد حتى الكيلو 21 بطول يزيد على ثلاثين كيلومتراً وتضم 20 محطة إضافية، فيما ستتصل المرحلة الثالثة بمطار برج العرب، لتتكامل مع القطار الكهربائي السريع وتعزز ربط المدينة بالمشروعات القومية الكبرى. من شأن ذلك دعم النقل الأخضر وتقليل استهلاك الوقود والانبعاثات الضارة، في إطار توجه واضح نحو الاستدامة.
إلى جانب مساهمته في تخفيف الازدحام، يلعب مترو الإسكندرية دوراً في دفع عجلة الاقتصاد المحلي وتعزيز مكانة المدينة كواحدة من المراكز الحضرية الحديثة في مصر. يمثل استمرار العمل بهذا المشروع دليلاً على رؤية جديدة للمستقبل تضع تطوير البنية التحتية والنقل في مقدمة الأولويات، بما يحقق التناغم بين معايير التطور الحضاري وحماية البيئة.