
تتميز منطقة نجران بكونها إحدى أهم المناطق الزراعية في المملكة العربية السعودية، حيث تشتهر بإنتاج التين الذي يلاقي إقبالاً متزايداً من المستهلكين محلياً وخارجياً، نظراً لما يتمتع به من جودة عالية وطعم لذيذ وقيمة غذائية غنية بالفيتامينات والمعادن. ويلعب المناخ المناسب والتربة الخصبة في نجران دوراً محورياً في تحقيق هذه المكانة، إلى جانب توفر المياه العذبة، مما يجعل المنطقة بيئة مثالية لزراعة المحاصيل الصيفية بشكل عام، ومن بينها التين بشكل خاص.
يحظى القطاع الزراعي في نجران، بما في ذلك زراعة التين، بدعم ملحوظ من الجهات الرسمية في المنطقة تعزيزاً للأمن الغذائي وتنويع مصادر الدخل، بالإضافة إلى تحويل الزراعة إلى قطاع حيوي ومستدام يمكنه المساهمة في رفع العوائد الاقتصادية للمزارعين والمستثمرين، خاصة مع قدرة منتجات المنطقة على المنافسة في الأسواق المحلية والدولية، بحسب تصريحات مدير عام فرع وزارة البيئة والمياه والزراعة بنجران المهندس مريح بن شارع الشهراني.
شهدت المساحات المزروعة بأشجار التين في نجران توسعاً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، وبلغ حجم الإنتاج السنوي للتين في المنطقة أكثر من 650 طناً، إذ يعد التين من المحاصيل التي تتيح دخلاً مجزياً للمزارعين، فضلاً عن إمكانية الاستفادة منها في الصناعات التحويلية وهو ما يعزز القيمة المضافة للمنتج ويفتح مجالات إضافية لتنمية الاستثمار الزراعي وزيادة دخل الأسر المنتجة.
تشهد الأسواق في نجران حركة نشطة خلال موسم إنتاج التين الذي يمتد عادةً من شهر مايو حتى ديسمبر، حسب نوع التين وطبيعة الأرض. وقد أكد عدد من المستثمرين الزراعيين أن وفرة الإنتاج وطول فترة الحصاد يجعلان من التين منتجاً استراتيجياً قادراً على تلبية احتياجات السوق المحلية وتوفير كميات للفائض تسوّق في مختلف مناطق المملكة. ولفتوا إلى أن المنتج المحلي يتميز بتحمّله ظروف التصنيع والتخزين ويسهل تسويقه.
تتعدد أصناف التين المزروعة في نجران بين المحلي والمستورد. وأوضح المستثمر الزراعي مانع هركيل أن أصناف التين في المنطقة تشمل الأبيض، الأسود، الأصفر، إضافة إلى أصناف محلية مثل دغسان ذات إنتاج أقل ونكهة مميزة، وأصناف مستزرعة كالبراون التركي والإسباني الأصفر والإسباني الأخضر وتايجر والبلدي والهندي والكندي المسمى أبو دمعة وتين قاسم السوري. وبيّن أن صنف براون يتميز بإنتاجية عالية وطول فترة الحصاد، ما يجعله الأكثر طلباً في الأسواق.
من جانبه أشار المستثمر حمد قحيشي إلى أن مزرعته تحتضن أكثر من ألفي شجرة تين مثمرة من نوعي البراون الكركي والإسباني الأصفر، على مساحة تبلغ 19 ألف متر مربع، مؤكداً أن الأسواق المحلية وصلت لمرحلة الاكتفاء الذاتي من التين، مع وجود فائض يوزع في مناطق المملكة الأخرى.
ويرى المزارع سداح آل حيدر أن زراعة التين في نجران تقليد مستمر منذ مئات السنين، وأن التنوع في الأصناف دخل المنطقة خلال العقود الخمسة الماضية، كما أن نجاح التجارب المحلية في استزراع الأنواع الجديدة عائد إلى توافر عناصر طبيعية مناسبة وجودة المياه، ما جعل الإنتاج المحلي ينافس الأصناف المستوردة في مواطنها الأصلية، وحقق عوائد اقتصادية كبيرة للمزارعين.
يلاحظ العاملون في سوق الفيصلية المركزي أن الطلب على التين النجراني يزداد عاماً بعد آخر، مع توسع دائرة التسويق إلى خارج المنطقة ووجود اختلاف في الأسعار بحسب النوع والحجم ومدى توفر المنتج. ويستفيد الأهالي والزوار خلال موسم إنتاج التين من التنوع المتاح بين الثمار الطازجة والمجففة، ولا يقتصر استغلال المحصول على بيعه مباشرة، بل يتجه البعض إلى تصنيع منتجات مشتقة من التين كالمربى والمجففات، ما يدعم مداخيل الأسر المنتجة ويعزز من القيمة الاقتصادية للمحصول.
ويتوقع مختصون في الشأن الزراعي أن استمرار دعم وزارة البيئة والمياه والزراعة من خلال الإرشاد وتوفير الشتلات المشذبة وتشجيع تطبيق أفضل الممارسات، سيسهم في توسيع الرقعة المزروعة وتحقيق استثمارات واعدة في مجال زراعة التين بمنطقة نجران.