انطلقت المؤشرات الفلكية التي ترصد نهاية فصل الصيف في الجزيرة العربية فجر الرابع والعشرين من أغسطس، مع ظهور نجم سهيل في الأفق الجنوبي بومضته البيضاء المائلة للصفرة. يعد هذا الحدث تقليدًا سنويًا انتظره سكان المنطقة منذ العصور القديمة، حيث يمثل ظهور سهيل منعطفًا مهمًا في المناخ العام ويعتبره كثيرون إشارة إلى اقتراب تبدل الفصول.
يذكر أن سهيل الذي يعرف علميًا باسم كانوبس ويصنف ثاني ألمع نجوم السماء بعد الشعرى اليمانية، يبعد نحو 313 سنة ضوئية عن الأرض وينتمي إلى كوكبة القاعدة الجنوبية. لا يظهر النجم إلا في المناطق المحصورة جنوب دائرة عرض 33 درجة شمالًا مثل جنوب الجزيرة العربية وبعض مناطق شمال أفريقيا، في حين أنه لا يُرى إطلاقًا من شمال الجزيرة العربية أو بلاد الشام، حيث يظل تحت الأفق طوال العام.
أكد رئيس الجمعية الفلكية بجدة المهندس ماجد أبو زاهرة أن العرب في الماضي اعتبروا ظهور سهيل نذير خير، إذ يصاحبه تراجع زاوية أشعة الشمس، وقصر ملحوظ لساعات النهار، إلى جانب بدء انخفاض درجات الحرارة أثناء ساعات الليل المتأخرة، كما تبدأ الشمس بالاتجاه جنوبًا بعد فترة تمركزها على خط الاستواء خلال ذروة الصيف.
وأوضح أبو زاهرة أن علم الفلك يشير إلى أن سهيل وجميع النجوم باستثناء الشمس، لا تملك أي تأثير مباشر على أحوال الطقس، بل يعتبر ظهور مثل هذه النجوم إشارة فلكية متزامنة مع التحولات الطبيعية الناتجة عن حركة الأرض حول الشمس، ليشكل ذلك ما يشبه ساعة كونية تنبئ بقرب الاعتدال الخريفي.
تجدر الإشارة إلى أن طلوع نجم سهيل حظي بأهمية كبيرة في الثقافة الشعبية، إذ ارتبط ظهوره بالأمثال والأشعار، وصار علامة معروفة في التقويم الزراعي والتراث الصحراوي، حيث يعد موعدًا لهجرة أنواع من الطيور وبداية موسم زراعة بعض المحاصيل.
