
شهد سوق الذهب العالمي ارتفاعاً ملحوظاً في نهاية تعاملات الأسبوع الماضي، مدفوعاً بتزايد التوقعات بخفض أسعار الفائدة الأمريكية خلال شهر سبتمبر المقبل. جاء هذا الانتعاش في أسعار الذهب عالمياً بعد تصريحات لرئيس البنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول في ندوة جاكسون هول للاقتصاد، والتي نظمها البنك المركزي الأمريكي، حيث أشار إلى إمكانية تعديل السياسة النقدية في حال تغيرت مخاطر السوق، دون تأكيد صريح على نية خفض أسعار الفائدة.
وبحسب تحليلات صادرة عن جولد بيليون، فإن سعر أونصة الذهب صعد بنسبة 1.1% خلال الأسبوع الماضي، حيث بدأ التداول عند 3335 دولار للأونصة، وبلغ في أقصاه 3378 دولار للأونصة خلال تعاملات الجمعة، قبل أن يغلق عند 3371 دولار للأونصة. ويعود هذا الأداء الإيجابي إلى إشارات باول حول مستقبل الفائدة، والتي كان لها أثر في زيادة إقبال المستثمرين على المعدن الأصفر، خصوصاً بعد فترة تداولات ضيقة بين 3330 – 3335 دولار للأونصة، بسبب وجود المتوسط المتحرك لخمسين يوماً في هذا النطاق السعري.
أما خلال يوم الجمعة بالتحديد، فقد شهدت الأسواق ارتفاعاً إضافياً لسعر الذهب بنسبة 1%، مسجلاً أعلى مستوياته منذ أكثر من أسبوع مع اختراقه مناطق المقاومة السعريّة السابقة. ويعتبر مراقبون أن نجاح الذهب في الإغلاق فوق مستوى 3350 دولار للأونصة يشير إلى إمكانية اختبار حاجز 3400 دولار للأونصة والثبات فوقه خلال الأيام القادمة.
شهدت تصريحات جيروم باول توازناً كبيراً بين التحذير من استمرار أزمة التضخم والإشارة إلى تزايد المخاطر التي تهدد سوق العمل الأمريكية. هذه التلميحات أدت إلى حالة من عدم اليقين في الأسواق المالية العالمية، الأمر الذي تسبب في دفع توقعات خفض الفائدة للفترة المقبلة إلى الواجهة مجدداً. يعتبر المستثمرون أن أي خفض للفائدة يعود غالباً بالنفع على الذهب، لكونه لا يمنح عائداً لحائزيه، وبالتالي تصبح تكلفة الاحتفاظ به أقل مع انخفاض الفائدة.
وفي المقابل سجل الدولار الأمريكي تراجعاً للأسبوع الثالث على التوالي، متأثراً هو الآخر بنتائج تصريحات رئيس الفيدرالي، حيث تراجع مؤشر الدولار إلى أدنى مستوياته في ثلاثة أسابيع أمام مجموعة من العملات الرئيسية.
تُظهر التوقعات في الأسواق حالياً أن هناك احتمالاً بنسبة 85% بأن يتجه المركزي الأمريكي إلى خفض الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية في اجتماعه المقرر لشهر سبتمبر، بعدما كانت التوقعات لا تتجاوز 75% قبل تصريحات باول في ندوة جاكسون هول للاقتصاد.
من ناحية سياسية، أدلى الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بتصريح في خضم هذه التحركات، حيث أعلن عزمه إقالة ليزا كوك، عضو مجلس إدارة الاحتياطي الفيدرالي، في حال لم تتقدم باستقالتها، ما اعتبره مراقبون جزءاً من مساعيه المتكررة للتأثير على توجهات البنك المركزي.
أما على صعيد التداولات، أظهر تقرير التزامات المتداولين الذي تصدره لجنة تداول السلع الآجلة انخفاضاً في عقود شراء الذهب الآجلة لدى المتداولين الأفراد والمؤسسات والصناديق الاستثمارية بمقدار 12838 عقداً للأسبوع المنتهي في 19 أغسطس، مقابل ارتفاع في عقود البيع بمقدار 4057 عقداً. وتعكس هذه البيانات تراجعاً في الطلب على المضاربة على شراء الذهب نتيجة تضارب التوقعات بشأن توجهات الفائدة، في حين ترجح التقديرات تغير هذا الاتجاه في الفترة المقبلة مع تبدل مواقف السوق.