
شهدت أسعار الذهب قفزة ملحوظة في البورصات العالمية لتسجل أعلى مستوى لها في غضون ثلاثة أسابيع تقريبا مما يعكس حالة من التفاؤل في أوساط المستثمرين بالمعدن النفيس. هذا الصعود القوي الذي دفع الأونصة لتقترب من مستهدفاتها السعرية على المدى القصير انعكست آثاره بوضوح على السوق المحلي في مصر حيث بلغت الأسعار ذروتها خلال شهر أغسطس الجاري.
جاء هذا التحرك الصعودي مدفوعا في الأساس بتطورات سياسية في الولايات المتحدة تمثلت في إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إقالة ليزا كوك محافظة الاحتياطي الفيدرالي بشكل فوري على خلفية اتهامات بالاحتيال في مجال الرهن العقاري. هذا القرار المفاجئ أثار حالة من عدم اليقين وأدى إلى تراجع مباشر في قيمة الدولار الأمريكي وهو ما أفاد أسعار المعادن بشكل عام نظرا للعلاقة العكسية التي تربطها بالعملة الأمريكية.
ولم يقتصر تأثير القرار على تراجع الدولار فقط بل زاد أيضا من جاذبية الذهب كملاذ آمن في ظل تنامي الشكوك حول استقلالية البنك الاحتياطي الفيدرالي. إن محاولات ترامب إقالة كوك أثارت مخاوف واسعة النطاق بشأن احتمالية التدخل السياسي في قرارات البنك المركزي الذي حافظ تاريخيا على استقلاليته عن الحكومة. وتأتي هذه الخطوة استكمالا لتهديدات سابقة أطلقها ترامب هذا العام بإقالة رئيس البنك جيروم باول الذي انتقده مرارا بسبب عدم خفضه لأسعار الفائدة بوتيرة أسرع.
وفي السوق المصري عكست هذه الارتفاعات العالمية نفسها بشكل واضح حيث سجل سعر جرام الذهب من عيار 24 ما قيمته 5354 جنيها. ووصل سعر الجرام من عيار 21 الأكثر انتشارا وتداولا إلى 4685 جنيها بينما بلغ سعر جرام عيار 18 حوالي 4015 جنيها. أما سعر الجنيه الذهب فقد قفز ليسجل 37480 جنيها.
على صعيد توقعات الأسواق المالية رفعت هذه التطورات من احتمالية قيام البنك الاحتياطي الفيدرالي بخفض سعر الفائدة. وتضع الأسواق حاليا احتمالا بنسبة 87 بالمئة لخفض الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية خلال اجتماع السياسة النقدية المقرر عقده في 17 سبتمبر. وتأتي هذه النسبة المرتفعة بعد أن كانت التوقعات قد تراجعت إلى 75 بالمئة فقط خلال الأسبوع الماضي قبل صدور تصريحات من رئيس الفيدرالي عززت مرة أخرى من احتمالات الخفض القادم.
في المقابل كشف تقرير صادر عن مجلس الذهب العالمي عن تطور لافت حيث تم تسجيل أول انخفاض في التدفقات النقدية المتجهة إلى صناديق الاستثمار المتداولة المدعومة بالذهب وذلك خلال الأسبوع المنتهي في 22 أغسطس. ويأتي هذا الانخفاض بعد أسبوعين متتاليين من التدفقات الإيجابية والارتفاع. وقد بلغ صافي التدفقات النقدية الخارجة من هذه الصناديق 5.2 طن من الذهب وكان الانخفاض الأكبر مسجلا في الصناديق الموجودة في أمريكا الشمالية التي شهدت وحدها خروج استثمارات تعادل 9.9 طن من المعدن الأصفر.