
كشفت الجمعية الألمانية لعلم الأعصاب عن نتائج دراسة حديثة تسلط الضوء على دور نمط الحياة الصحي في الوقاية من مرض الخرف خصوصا خلال مرحلة الشيخوخة. وأكدت الدراسة أن تبني عادات صحية منظمة وموجهة يمكن أن يعزز القدرات الإدراكية لدى كبار السن ويقلل من مخاطر التدهور الذهني.
وشملت الدراسة ما يقارب من ألفين ومئة شخص تراوحت أعمارهم بين ستين وتسعة وسبعين عاما كانوا يتمتعون بصحة ذهنية جيدة عند بدء التجربة. لكن هؤلاء المشاركين كانوا يعانون من عوامل خطر متعددة تزيد من احتمالية إصابتهم بالخرف مستقبلا مثل قلة النشاط البدني وعدم اتباعهم نظاما غذائيا صحيا بالإضافة إلى وجود عاملين آخرين على الأقل مثل وجود تاريخ عائلي للمرض أو انتمائهم للفئة العمرية الأكبر سنا من سبعين إلى تسعة وسبعين عاما.
ولتحقيق أهداف الدراسة تم تقسيم المشاركين بشكل عشوائي إلى مجموعتين خضعتا لبرنامجين مختلفين يهدف كلاهما إلى تحسين جوانب متعددة من نمط الحياة. وركز البرنامجان على تعزيز النشاط البدني والتغذية السليمة والتدريب الإدراكي والتواصل الاجتماعي والحفاظ على صحة الأوعية الدموية لكن الاختلاف الجوهري كان في طريقة تقديم الدعم.
المجموعة الأولى خضعت لبرنامج دعم منظم حيث تلقت إرشادات دقيقة ومتابعة مستمرة. وقد تم تزويد أفراد هذه المجموعة بدليل مفصل لنظام غذائي يعرف باسم MIND وهو مصمم خصيصا لدعم صحة الدماغ. كما انخرطوا في برامج تدريبية أسبوعية للذاكرة عبر الإنترنت وخطط أنشطة بدنية محددة تتضمن تمارين للتحمل والقوة والمرونة تحت إشراف دقيق.
أما المجموعة الثانية فقد تلقت دعما مفتوحا حيث تم تشجيع المشاركين فيها على العمل بشكل مستقل لتحسين نمط حياتهم. وقُدمت لهم مواد إرشادية وخدمات أخرى لمساعدتهم على اتخاذ قرارات صحية بأنفسهم دون وجود خطة منظمة أو إشراف مباشر كما في المجموعة الأولى.
وبعد متابعة استمرت لمدة عامين أظهرت النتائج أن كلتا المجموعتين حققت تحسنا ملحوظا في القدرات الإدراكية. ومع ذلك أثبت التدخل المنظم والموجه الذي خضعت له المجموعة الأولى فعالية أكبر بكثير مقارنة بالتدخل الذاتي للمجموعة الثانية. وتؤكد هذه النتائج بوضوح أن اتباع نظام غذائي متوازن ونمط حياة نشط وموجه يؤتي ثماره بشكل مؤكد في الوقاية من الخرف.
وتشير التوصيات المستخلصة من هذه النتائج وغيرها من الأبحاث إلى أهمية تشجيع كبار السن المصابين بالخرف على ممارسة التمرينات الرياضية لتحسين القوة والتوازن وصحة القلب والأوعية الدموية. وهناك أدلة متزايدة على أن الرياضة تحمي الدماغ بشكل مباشر من التدهور المعرفي خاصة عند الجمع بينها وبين نظام غذائي صحي وعلاج عوامل الخطر المرتبطة بأمراض القلب.
إلى جانب الرياضة والتغذية تبرز أهمية المشاركة في الأنشطة التي يستمتع بها الشخص المصاب بالخرف ويمكنه ممارستها. وتشمل هذه الأنشطة الرقص والرسم والبستنة والطبخ والغناء وهي لا توفر تحفيزا ذهنيا فقط بل تعزز أيضا من قدرته على التواصل مع محيطه.
ويعد تنظيم روتين النوم عاملا حاسما أيضا حيث ينصح بالحرص على اتباع نظام محدد للخلود إلى النوم بعيدا عن ضجيج التلفزيون أو تشتيت الهواتف. ومن الضروري أيضا تقليل كمية الكافيين التي يتم استهلاكها خلال اليوم وتجنب نوم القيلولة الطويلة التي قد تؤثر على النوم ليلا.
وللمساعدة في تنظيم الحياة اليومية وتقليل الارتباك يُنصح بالاحتفاظ بجدول زمني واضح لتذكر المناسبات القادمة والأنشطة اليومية ومواعيد تناول الأدوية. وفيما يخص التواصل مع المقربين يفضل الحفاظ على التواصل البصري والتحدث ببطء وباستخدام جمل بسيطة وعرض فكرة واحدة في كل مرة مع استخدام الإيماءات والإشارة إلى الأشياء لتسهيل الفهم.