
شهدت أسواق الذهب المحلية في مصر يوم الثلاثاء الموافق الثاني من سبتمبر ارتفاعا كبيرا في الأسعار حيث زاد سعر الجرام الواحد بمقدار خمسة وعشرين جنيها لكافة الأعيرة المتداولة. وتأتي هذه القفزة السعرية بالتزامن مع التحركات الصعودية التي سجلتها أونصة الذهب في البورصات العالمية وهو ما انعكس بشكل مباشر على السوق المصري.
وقد وصلت الأسعار في السوق المصرية إلى مستويات جديدة حيث سجل سعر جرام الذهب من عيار 24 قيمة 5389 جنيها وبلغ سعر جرام عيار 21 الأكثر انتشارا 4715 جنيها. كما وصل سعر جرام عيار 18 إلى 4041 جنيها وسجل عيار 14 نحو 3143 جنيها للجرام الواحد بينما قفز سعر الجنيه الذهب ليسجل 37720 جنيها.
وعلى الصعيد العالمي عزز المستثمرون رهاناتهم على أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي سيتجه لخفض أسعار الفائدة خلال اجتماعه المقبل في سبتمبر. وجاءت هذه التوقعات المتزايدة بعد صدور بيانات مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي بالولايات المتحدة والذي يعد مقياس التضخم المفضل للبنك الفيدرالي حيث جاءت قراءاته متوافقة مع التوقعات.
وتعكس أسواق المال حاليا احتمالية تقترب من تسعين بالمئة لخفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس خلال الشهر الجاري وهي نسبة ارتفعت من 75 بالمئة قبل صدور بيانات التضخم. وقد ساهمت تصريحات ماري دالي رئيسة البنك الاحتياطي الفيدرالي في سان فرانسيسكو في دعم هذه التوقعات حيث جددت تأييدها لخفض الفائدة مشيرة إلى المخاطر التي تهدد سوق العمل وتركت الباب مفتوحا أمام خفض بمقدار ربع نقطة مئوية.
وفي هذا السياق أوضح الخبير والمحلل في أسواق الذهب طاهر مرسي أن المعدن النفيس نجح في اعتلاء صدارة الأصول العالمية من حيث القيمة السوقية التي قفزت لتبلغ حاليا حوالي أربعة وعشرين تريليون دولار أمريكي. وأشار إلى أن هذه القيمة الضخمة تكاد تعادل مجموع القيم السوقية لأكبر عشر شركات وأصول مالية تلي الذهب في الترتيب العالمي مما يبرز حجمه الحقيقي ومكانته الاستثنائية.
إلى جانب ذلك شهد المعدن الأصفر زيادة في الطلب عليه كأصل آمن بعد قرار صدر عن محكمة استئناف أمريكية الأسبوع الماضي قضى بعدم قانونية عدد من الرسوم الجمركية التي كانت قد فرضت في عهد ترامب وهو ما أثار شكوكا حول مستقبل التعريفات المفروضة على واردات صينية تقدر بمئات المليارات من الدولارات. ورغم الحكم القضائي الأمريكي فقد صرح الممثل التجاري الأمريكي جاميسون جرير بأن إدارة ترامب مستمرة في محادثاتها مع شركائها التجاريين بخصوص القضايا الجمركية.
وشدد مرسي على أن القيمة السوقية للذهب تمثل قيمة المعدن المادي الموجود فعليا لدى حائزيه على عكس الأسهم والأصول المالية الأخرى التي تمثل أرقاما اسمية أكثر من كونها قيمة فعلية قابلة للتسييل. وضرب مثالا بشركة إنفيديا التي تتجاوز قيمتها السوقية أربعة تريليونات دولار موضحا أن هذا الرقم لا يمكن تحويله إلى نقد فعلي لأن أي محاولة بيع ضخمة لأسهمها قد تتسبب في انهيار فوري لسعر السهم.
واستشهد مرسي بما حدث سابقا عندما فقدت إنفيديا أكثر من عشرين بالمئة من قيمتها السوقية في جلسة تداول واحدة عقب فوز الرئيس ترامب حيث تم محو تريليونات الدولارات من شاشات التداول في دقائق معدودة لتعود للارتفاع في اليوم التالي. وأضاف أن الذهب يختلف كليا عن ذلك فهو أصل مادي وقيمة حقيقية بحد ذاته ولا يمكن أن يتعرض لمثل هذه الانخفاضات اليومية الحادة مؤكدا أنه لم يحدث إطلاقا أن هبط سعر الذهب بنسبة 20 بالمئة في يوم واحد بل إن نسبة 5 بالمئة لم يتم تسجيلها على الإطلاق.
وأفاد الخبير بأن حساب القيمة السوقية للذهب يستند إلى الأسعار الفورية في البورصات الدولية بينما قد تزيد الأسعار الفعلية خارج هذه البورصات خاصة في الولايات المتحدة بما يتجاوز 200 دولار للأونصة الواحدة في بعض الأحيان. وهذا يعني حسب قوله أن القيمة السوقية المعلنة للذهب تقل عن قيمته الحقيقية بنسبة لا تقل عن خمسة بالمئة.
ولفت مرسي كذلك إلى أن الحسابات الرسمية للقيمة السوقية لا تشمل سوى الذهب المسجل والموثق على المستوى العالمي في حين توجد احتياطيات وأرصدة ضخمة لم يتم إدراجها ضمن التقديرات الرسمية بالإضافة إلى كميات الذهب غير المسجلة أو تلك التي يحتفظ بها الأفراد والجهات بشكل غير معلن وهو ما يجعل التقييم الفعلي والحقيقي للذهب أضعافا مضاعفة للرقم المتداول.