
يعد قرار اختيار شريك الحياة أحد المحطات المصيرية في حياة كل إنسان إذ يترتب عليه بناء مستقبل صحي وناجح للفرد والأسرة بأكملها. لذلك فإن عملية الاختيار تتطلب عمقا وحكمة لضمان تأسيس علاقة زوجية مستقرة وسعيدة وقادرة على الصمود أمام تحديات الزمن وتقدم مجموعة من النصائح الهامة لتقييم مدى التوافق قبل الارتباط الرسمي.
وفي هذا السياق يشير الدكتور سلمان إمام استشاري الطب النفسي وعلاج الإدمان إلى أهمية فحص جوانب محددة بعناية لتقييم الانسجام مع الشريك المحتمل. من أبرز هذه الجوانب التوافق في القيم الأسرية والزواجية حيث يجب مناقشة التصورات الخاصة بكل طرف عن شكل العلاقة الزوجية ومسؤولياتها وكيفية تربية الأبناء في المستقبل وتحديد الأدوار داخل الأسرة ومسائل الاستقلالية المادية وهي كلها قضايا جوهرية تتطلب صراحة تامة.
كما أن التوافق العاطفي يمثل حجر الزاوية في أي علاقة ناجحة لذا يجب على كل طرف أن يسأل نفسه هل يشعر بالأمان والطمأنينة في وجود الطرف الآخر وهل يستطيع التعبير عن مشاعره بصدق ووضوح دون خوف من الحكم عليه وهل يتم استقبال هذه المشاعر بالتقدير والفهم المتبادل أم بالتجاهل أو الاستخفاف.
ولا يقل التوافق الفكري أهمية عن الجانب العاطفي فمن الضروري وجود تقارب في طريقة التفكير والرؤية العامة للحياة والمبادئ الأساسية. إن القدرة على مناقشة مختلف المواضيع بمرونة وسلاسة دون أن يتحول النقاش إلى جدال حاد وعقيم تعد مؤشرا قويا على وجود انسجام فكري بين الشريكين.
تعتبر الخلافات أمرا طبيعيا وجزءا لا يتجزأ من أي علاقة إنسانية لكن طريقة التعامل معها هي التي تحدد قوة العلاقة واستمراريتها. لذلك يجب مراقبة أسلوب الشريك في التواصل أثناء الخلاف هل يستمع باهتمام ويحترم وجهة نظرك حتى لو اختلف معها أم أنه يسعى دائما لفرض رأيه وإثبات أنه على صواب.
يمثل الجانب المالي أحد أكثر الأسباب شيوعا للخلافات الزوجية لذا فإن التوافق المالي ليس رفاهية بل ضرورة. لا بد من وجود تفاهم واضح حول أسلوب الإنفاق والادخار وتوزيع المسؤوليات المالية. الشفافية في الأمور المادية ومناقشة الديون والأهداف المالية المستقبلية بصراحة تمنع الكثير من المشكلات لاحقا.
إن أسلوب الحياة اليومي وتوافق العادات الصغيرة يلعبان دورا كبيرا في خلق بيئة منزلية مريحة ومستقرة. أمور بسيطة مثل أوقات النوم والاستيقاظ والهوايات المفضلة وطبيعة قضاء أوقات الفراغ يمكن أن تكون مصدرا للراحة أو التوتر إذا لم يكن هناك انسجام أو قدرة على التكيف مع نمط حياة الآخر.
ولأن التجربة خير برهان فلا شيء يكشف حقيقة التوافق مثل المواقف العملية. إن خوض تحديات صغيرة معا أو تنفيذ مشاريع مشتركة قبل الزواج يوضح بشكل عملي كيف يتعامل كل طرف مع الضغوط وهل تسود بينكما روح التعاون والتفاهم الحقيقي أم تظهر الأنانية وعدم القدرة على العمل كفريق واحد.
وأخيرا تمتد العلاقة الزوجية لتشمل عائلة الشريك والمجتمع المحيط لذا فإن طبيعة العلاقة مع الأهل جزء أساسي من نجاح الزواج. من المهم التأكد من وجود انسجام وتقدير متبادل والقدرة على بناء علاقة قائمة على الاحترام مع عائلة الشريك دون السماح بتدخلات مفرطة قد تضر باستقلالية الأسرة الجديدة.