ينبعث من أزقة المغرب وأسواقه الشعبية عبق فريد يستوقف المارة ويجذب الصغار قبل الكبار إنها رائحة طبق الحلزونة أو الببوش كما يطلق عليه محليا والذي يعد أحد أبرز علامات طعام الشارع في البلاد ويمثل جزءا لا يتجزأ من الموروث الثقافي الغني للمطبخ المغربي.
يتحول هذا الطبق الشعبي إلى وجبة منزلية أصيلة يمكن تحضيرها بسهولة للاستمتاع بنكهتها القوية وفوائدها الصحية خاصة خلال الأجواء الباردة حيث يقدم الدفء ويعزز مناعة الجسم. ويشتهر الحلزون بكونه مصدرا غنيا بالبروتين والمعادن الضرورية مثل الحديد والمغنيسيوم مع محتوى منخفض من الدهون ما يجعله خيارا غذائيا مميزا إلى جانب مذاقه المحبب.
لإعداد وجبة تكفي لأربعة أشخاص تقريبا يتم تجهيز كيلو واحد من الحلزون البري الذي يتطلب عناية خاصة في التنظيف لضمان نقائه وجودته. ولتحضير المرق العطري الذي يطهى فيه الحلزون نحتاج إلى لترين من الماء ورأس كامل من الثوم المهروس مع باقة متنوعة من الأعشاب الطازجة التي تشمل الزعتر والنعناع والمرددوش وإكليل الجبل.
تكتمل نكهة الطبق بإضافة مجموعة من التوابل المغربية الأصيلة حيث يضاف مقدار ملعقة صغيرة من كل من الكمون والزنجبيل والفلفل الأسود ونصف ملعقة صغيرة من الفلفل الأحمر الحلو أو التحميرة والكزبرة الجافة مع ضبط الملح حسب الرغبة. ولتعزيز عمق النكهة يمكن إضافة عود من القرفة وبضع أوراق من الغار المعروفة باسم ورق سيدنا موسى وكذلك حبات من الهيل.
تبدأ عملية التحضير بالخطوة الأكثر أهمية وهي غسل الحلزون وتنظيفه بشكل متكرر باستخدام الماء والملح والخل. ويفضل البعض نقعه في الماء لمدة يوم كامل مع تغيير الماء باستمرار لضمان تخلصه من جميع الشوائب قبل الطهي.
للطهي يوضع قدر كبير على النار ويضاف إليه الماء مع جميع الأعشاب العطرية والتوابل والثوم والقرفة وورق الغار ويترك المزيج ليغلي لمدة ربع ساعة تقريبا حتى تتداخل النكهات وتطلق خلاصتها في الماء. بعد ذلك يضاف الحلزون النظيف إلى المرق المغلي ويغطى القدر ويترك على نار هادئة لينضج لمدة تتراوح بين خمس وأربعين دقيقة وساعة كاملة.
عند التقديم يسكب الحلزون ساخنا مع مرقه الغني في أوعية عميقة أو زبديات. ومن طقوس تناول هذا الطبق شفط الحلزون مباشرة من قوقعته أو استخراجه باستخدام أعواد الأسنان الخشبية ويمكن إضافة رشة من الكمون أو الفلفل الحار لتعزيز النكهة عند الأكل.
