
تثبت الفضة نفسها كمنافس قوي للذهب في أسواق الملاذات الآمنة لعام 2025 حيث سجل المعدن الأبيض ارتفاعات عالمية لافتة بلغت 40 بالمئة متفوقا بذلك على الذهب الذي لم تتجاوز مكاسبه 36 بالمئة منذ بداية العام وهو ما يعزز مكانة الفضة كأداة استثمارية رئيسية وملاذ آمن للمستثمرين.
يعود هذا الصعود الكبير للمعادن الثمينة إلى مجموعة من العوامل الاقتصادية العالمية وفي مقدمتها التوقعات المتزايدة بأن مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي سيبدأ دورة تيسير نقدي عبر خفض أسعار الفائدة اعتبارا من اجتماعه في منتصف سبتمبر. وقد تعززت هذه التوقعات بعد صدور بيانات سلبية عن سوق الوظائف الأمريكية والتي أشارت إلى تباطؤ حاد في نمو الوظائف وارتفاع معدل البطالة إلى 4.3 بالمئة مما يدفع الأسواق لتوقع ثلاث خفضيات للفائدة هذا العام.
ولا يقتصر الدعم على توقعات الفائدة فحسب بل يمتد ليشمل تقلبات أسواق السندات العالمية فالمخاوف من التضخم وزيادة مبيعات الديون الحكومية تسببت في ارتفاع عوائد السندات مما دفع المستثمرين للبحث عن أدوات تحوط أكثر استقرارا. كما أن حالة عدم اليقين المحيطة باستقلالية البنك المركزي الأمريكي قد عمقت من قلق المستثمرين ووجهتهم نحو المعادن النفيسة.
وفي تفاصيل الأداء القياسي للفضة كشف إيهاب واصف رئيس شعبة الذهب والمعادن الثمينة باتحاد الصناعات المصرية أن العقود الآجلة للفضة تسليم ديسمبر قفزت إلى مستوى 42.29 دولارا للأوقية وهو الأعلى لها منذ 14 عاما. وأضاف أن الفضة التي يصفها المستثمرون بذهب الرجل الفقير لم تعد مجرد تابع للذهب بل أصبحت أداة استثمارية مؤثرة بذاتها مرشحة لاختبار مستويات تاريخية جديدة قد تتجاوز الخمسين دولارا للأوقية وهو أعلى سعر سجلته في يناير 1980.
على الصعيد المحلي في مصر شهدت الفضة تحركا مماثلا بنسبة زيادة تقارب 36 بالمئة حيث ارتفع سعرها من 48 جنيها في بداية العام ليتجاوز 65 جنيها حاليا. ويزيد من جاذبية الفضة كأصل آمن أن شهري سبتمبر وأكتوبر يعتبران تاريخيا من أصعب الفترات على أسواق الأسهم الأمريكية وهو ما يخلق بيئة متوترة تدعم الاتجاه نحو المعادن.
ورغم تفوق الفضة إلا أن الذهب حقق أيضا أداء قويا خلال الأسبوع فقد ارتفع سعر الذهب الفوري بنسبة 0.9 بالمئة ليصل إلى 3577.33 دولارا للأونصة وسجلت الأسعار أعلى مستوى لها على الإطلاق عند 3582.71 دولارا محققة ارتفاعا أسبوعيا بنسبة 3.7 بالمئة في أفضل أداء لها منذ يونيو. كما صعدت عقود الذهب الآجلة تسليم ديسمبر بنسبة 0.9 بالمئة لتصل إلى 3640.00 دولارا.
ومنذ بداية العام الجاري زاد سعر الذهب بأكثر من 36 بالمئة استكمالا لارتفاع بلغ 27 بالمئة عام 2024 ويدعم هذا الصعود المستمر ضعف الدولار وعمليات الشراء الكبيرة التي تقوم بها البنوك المركزية إلى جانب حالة الضبابية الجيوسياسية والاقتصادية واسعة النطاق التي تجعل السبائك غير المدرة للعائد ملاذا مفضلا للمستثمرين.
لكن هذا الارتفاع الكبير في الأسعار كان له تأثيره على الطلب الفعلي في الأسواق الرئيسية فقد شهدت الصين والهند وهما من أكبر مستهلكي الذهب انخفاضا في الطلب على المعدن الأصفر هذا الأسبوع نتيجة وصول أسعاره لمستويات قياسية. وتترقب الأسواق بيانات احتياطيات الذهب لشهر أغسطس من البنك المركزي الصيني للحصول على صورة أوضح حول مدى تأثر طلب البنوك المركزية بالأسعار المرتفعة.