
مع تزايد الإقبال على الأنظمة الغذائية الغنية بالبروتين بهدف بناء العضلات أو فقدان الوزن أو تعزيز الصحة العامة يبرز تساؤل محوري حول مدى أمان هذه الحميات وتأثيرها المحتمل على سلامة الكلى. هذا القلق ينبع من الدور الحيوي الذي تلعبه الكلى في الحفاظ على توازن الجسم وصحته.
يعتمد الجسم على البروتين كمغذ أساسي لبناء الأنسجة وإصلاحها لكن عملية تكسير البروتين ينتج عنها فضلات نيتروجينية يجب على الكلى تنقيتها من الدم وطرحها عبر البول. وعندما يرتفع استهلاك البروتين بشكل كبير يزداد عبء العمل على الكلى ما يجبرها على العمل بوتيرة أسرع في عملية تُعرف بفرط الترشيح الكبيبي لتصفية هذه الفضلات الزائدة.
بالنسبة للأشخاص الذين يتمتعون بكلى سليمة فإنها عادة ما تظهر قدرة ممتازة على التكيف مع هذا الضغط الإضافي دون أن يلحق بها ضرر. لكن الأمر يختلف جذرياً عند الأشخاص الذين يعانون مسبقاً من مرض الكلى المزمن أو انخفاض في وظائفها حيث إن تعريض الكلى المجهدة لكميات عالية من البروتين قد يسرع من تدهور حالتها الصحية ويزيد من تفاقم المشكلة.
لا تزال نتائج الأبحاث العلمية حول هذه المسألة متضاربة إلى حد ما. فالدراسات التي استهدفت مشاركين أصحاء كالرياضيين ومن يتبعون حميات غذائية لإنقاص الوزن لم تظهر أدلة قاطعة على أن تناول البروتين بكميات مرتفعة يسبب تلفاً للكلى. ومع ذلك يواجه الأفراد المصابون بأمراض الكلى خطراً أكبر من المضاعفات حيث إن استهلاك كميات كبيرة من البروتين على المدى الطويل يمكن أن يؤدي إلى تلف كلوي وظهور البروتين في البول.
يؤثر مصدر البروتين بشكل كبير على صحة الكلى. وتشير الدلائل البحثية إلى أن البروتينات الحيوانية الموجودة في اللحوم ومنتجات الألبان تزيد من خطر إرهاق الكلى أكثر من البروتينات النباتية. ترفع البروتينات الحيوانية مستويات الحمض والفوسفات في الجسم مما يؤثر سلباً على وظائف الكلى في المقابل تعتبر البروتينات النباتية كالفاصوليا والمكسرات والبقوليات خياراً أفضل لأنها تحتوي على ألياف ومضادات أكسدة وتكون أسهل على الكلى.
تتوقف كمية البروتين الآمنة على عوامل متعددة تشمل صحة الفرد ومستوى نشاطه البدني. يوصى للبالغين الأصحاء بتناول ما يعادل 0.8 جرام من البروتين لكل كيلوجرام من وزن الجسم. أما الرياضيون والأشخاص ذوو النشاط البدني العالي فقد يحتاجون كمية أكبر تتراوح بين 1.2 إلى 2.0 جرام لكل كيلوجرام. ويظل الإشراف الطبي ضرورياً لمرضى الكلى لتحديد الكمية المناسبة لهم وتجنب أي ضرر إضافي.