
يشكل سرطان الحلق تهديدًا صحيًا كبيرًا يتطور في خلايا وأنسجة مناطق البلعوم والحنجرة والهياكل القريبة منها ورغم كونه أقل انتشارًا مقارنة بأنواع أخرى من السرطانات فإنه قد يصبح مميتًا إذا لم يتم تشخيصه في مراحله الأولية. التحدي الأكبر يكمن في أن علاماته المبكرة تتشابه إلى حد كبير مع أعراض حالات مرضية بسيطة وشائعة مثل نزلات البرد أو ارتجاع المريء الأمر الذي يجعل الكثيرين يتجاهلونها.
أكدت دراسة علمية أن بحة الصوت وصعوبة البلع التي تعرف طبيًا باسم عسر البلع هما من أكثر الأعراض الأولية انتشارًا بين مرضى سرطان الحلق حيث لوحظ وجود بحة الصوت لدى أكثر من نصف المرضى بينما عانى حوالي 40% منهم من صعوبات في بلع الطعام. ولهذا السبب يعد الانتباه لهذه المؤشرات الدقيقة أمرًا حاسمًا للكشف المبكر عن المرض.
تعتبر التغيرات المستمرة في الصوت من أبرز العلامات التحذيرية خاصة إذا استمرت البحة لفترة تتجاوز الأسبوعين دون أي استجابة للراحة أو العلاجات البسيطة. ومع تقدم الحالة قد يلاحظ المريض أن صوته أصبح ضعيفًا أو خشنًا أو مجهدًا وفي مراحل متقدمة قد يصل الأمر إلى فقدان القدرة على الكلام بشكل كامل.
تمثل صعوبة البلع عرضًا شائعًا آخر يبدأ غالبًا بشكل تدريجي حيث يشعر الشخص بأن الطعام يعلق في حلقه أو صدره ثم يتطور هذا الإحساس ليصبح ألمًا حقيقيًا عند محاولة البلع. في البداية قد تظهر المشكلة مع الأطعمة الصلبة فقط لكن مع نمو الورم قد تمتد الصعوبة لتشمل السوائل أيضًا مما قد يؤدي إلى نوبات من الاختناق وفقدان الوزن غير المتعمد نتيجة الخوف من تناول الطعام.
يجب الحذر من التهاب الحلق الذي لا يزول بمرور الوقت على عكس الالتهابات الفيروسية أو البكتيرية الشائعة. فالألم المرتبط بالسرطان غالبًا ما يزداد سوءًا ولا يستجيب للمضادات الحيوية أو المسكنات المعتادة وقد يتركز الانزعاج في جانب واحد فقط من الحلق ويزداد عند الكلام أو تناول الطعام.
قد يمتد تأثير سرطان الحلق ليسبب أعراضًا في مناطق مجاورة مثل الأذن حيث يشعر المريض بألم في الأذن دون وجود أي التهاب فيها ويعرف هذا بالألم الرجيع الذي يحدث نتيجة ضغط الورم على الأعصاب المشتركة بين الحلق والأذن. كما أن ظهور كتل أو تورم في الرقبة يعد علامة تحذيرية مهمة أخرى وتنتج عادة عن انتشار الخلايا السرطانية إلى الغدد الليمفاوية وتكون هذه الكتل صلبة وغير مؤلمة وتزداد في الحجم ببطء.
مع نمو الورم في الحلق قد يتسبب في إعاقة مجرى الهواء مما يؤدي إلى صعوبة في التنفس أو الشعور بضيق فيه. وقد يعاني بعض المرضى من سعال مزمن ومستمر لا يختفي مع العلاجات التقليدية وقد يصاحب هذا السعال خروج دم أو ظهور صوت صفير عند التنفس وهي أعراض تؤثر بشكل كبير على جودة الحياة والقدرة على النوم والقيام بالأنشطة اليومية.
يعد فقدان الوزن المفاجئ وغير الموضح سببه علامة شائعة للعديد من أنواع السرطان ومن بينها سرطان الحلق. يحدث هذا لأن الجسم يستهلك كميات كبيرة من الطاقة في محاولة لمكافحة المرض مما يؤدي إلى خسارة الوزن وكتلة العضلات بسرعة. ويتفاقم هذا الوضع بسبب صعوبة تناول الطعام الناتجة عن الألم. كما أن الشعور بالإرهاق الشديد والتعب العام الذي لا يتحسن بالراحة هو مشكلة أخرى شائعة يجب عدم تجاهلها إطلاقًا.