
كشفت تقارير متخصصة في الصحة النفسية عن علامات تحذيرية قد لا ينتبه إليها الكثيرون تشير إلى وجودهم في علاقات إنسانية مؤذية تستنزف طاقتهم وتفقدهم الشعور بالأمان والراحة النفسية فالعلاقات التي يفترض أن تكون مصدر دعم قد تتحول إلى سجن عاطفي دون أن يدرك الشخص ذلك إلا بعد أن يكون قد لحق به ضرر نفسي كبير.
من أبرز هذه المؤشرات الشعور الدائم بأنك الطرف المخطئ في أي خلاف حيث يتعمد الطرف الآخر إلقاء اللوم عليك باستمرار حتى في الأمور التي لا علاقة لك بها ويرفض تحمل أي جزء من المسؤولية مما يجعلك في موضع دفاع دائم وتشكيك مستمر في قراراتك وتصرفاتك ويتحول دورك في العلاقة إلى كبش فداء لجميع المشاكل.
يترافق ذلك مع حالة من الخوف المستمر من ردود أفعال الشريك فتجد نفسك تتردد في التعبير عن رأيك أو مشاعرك خشية إثارة غضبه أو مواجهة تجاهله المتعمد وهذا الحذر الدائم يدمر ثقتك بنفسك ويجبرك على الصمت كوسيلة لتجنب النزاعات بدلا من أن يكون الحوار هو أساس التفاهم.
كما أن السيطرة المفرطة تعد علامة خطيرة فالطرف المؤذي يحاول التحكم في كل جوانب حياتك بدءا من الأشخاص الذين تقابلهم والأماكن التي تذهب إليها وصولا إلى طريقة ملابسك وحديثك وهذا السلوك يهدف إلى تجريدك من استقلاليتك وجعلك تابعا له فالحب الحقيقي لا يعني الامتلاك أو فرض الوصاية.
يستخدم الشخص السام أيضا أساليب الإيذاء النفسي الخفي مثل الاستهزاء بأفكارك أو السخرية من مظهرك تحت غطاء المزاح وهذه التعليقات الساخرة والانتقادات المتواصلة ليست مجرد دعابة بل هي وسيلة ممنهجة للتقليل من شأنك واحترامك لذاتك فالعلاقة التي تجعلك تشعر بالنقص باستمرار هي علاقة مدمرة.
إحدى العلامات التي لا يمكن تجاهلها هي شعورك بالإرهاق العاطفي والقلق بعد كل لقاء أو محادثة مع هذا الشخص فبدلا من أن تشعر بالراحة والطمأنينة تجد نفسك مستنزفا ومنقبضا وهذا دليل قوي على أن العلاقة تستهلك سلامك الداخلي أكثر مما تمنحك السعادة.
يلجأ الطرف المؤذي كذلك إلى التلاعب بالمشاعر واستخدام أسلوب إشعارك بالذنب بشكل متواصل عبر عبارات مثل أنت سبب تعاستي أو لو كنت تهتم لأمري لما فعلت ذلك وهذا الشعور الدائم بالذنب دون مبرر حقيقي هو أداة للسيطرة عليك وإجبارك على تلبية رغباته.
من أخطر التكتيكات التي يتبعها الشخص السام هو العمل على عزلك تدريجيا عن أصدقائك وعائلتك وشبكة دعمك الاجتماعي فهو يريدك وحيدا لكي يضمن سيطرته الكاملة عليك ويمنع أي شخص من فتح عينيك على حقيقة ما تتعرض له فالعلاقات الصحية تشجع على التواصل مع الآخرين لا الانغلاق.
على الرغم من كل الألم الذي تشعر به قد تجد نفسك خائفا من فكرة الانفصال وهذا الخوف ينبع غالبا من التعلق المرضي أو الخشية من الوحدة أو الاعتقاد الخاطئ بأنك لن تجد شخصا آخر وهذا التفكير هو الذي يغذي استمرارية العلاقة المؤذية ويمنعك من التحرر.
إذا بدأت تشكك في سلامة عقلك أو ذاكرتك فهذه إشارة إلى أنك تتعرض لنوع من التلاعب النفسي حيث يشككك الطرف الآخر في حقيقة مشاعرك أو الأحداث التي جرت بينكما وفي النهاية تجد نفسك لا تتصرف على طبيعتك وتشعر كأنك تمشي على قشر بيض طوال الوقت تخفي حقيقتك وتتصنع لإرضائه وهذا يفقدك جوهرك الحقيقي.
إن إدراك وجودك في مثل هذه العلاقة هو الخطوة الأولى نحو الشفاء ويبدأ التغيير بالاعتراف بوجود المشكلة ثم طلب المساعدة من صديق تثق به أو اللجوء إلى متخصص نفسي ومن الضروري وضع حدود واضحة وحاسمة لمنع الطرف الآخر من تخطيها مع التخطيط بهدوء للخروج من العلاقة خاصة إذا كان الطرف الآخر عدائيا ومنح النفس وقتا كافيا للتعافي قبل الدخول في أي ارتباط جديد.