رونالدو لا يشيخ

رونالدو لا يشيخ

لم تكن مواجهة نهائي دوري الأمم الأوروبية بين إسبانيا والبرتغال مجرد مباراة عادية، بل أخذت عشاق الكرة إلى فصل جديد في صراع الأجيال، عندما التقى كريستيانو رونالدو، أحد أعظم اللاعبين في تاريخ اللعبة، بـ”لامين يامال” الجوهرة الصاعدة للكرة الإسبانية.

وبين دموع الفرح البرتغالية، وخيبة الأمل الإسبانية، انشغلت وسائل الإعلام العالمية برصد التباينات والأحاسيس، وتسليط الضوء على رمزيّة هذه المباراة التي جمعت الماضي والحاضر وربما المستقبل.

كريستيانو رونالدو، الذي يبلغ من العمر 40 عامًا، قاد منتخب البرتغال لتحقيق اللقب بعد التعادل (2-2) في الوقت الأصلي، والتفوّق في ركلات الترجيح (5-3). وقد سجل هدف التعادل لفريقه، ليُصبح بذلك أكبر لاعب يُسجل في نهائي دوري الأمم الأوروبية.

صحيفة “ماركا” الإسبانية اختارت أن تفتتح تغطيتها بعنوان: “رونالدو لا يشيخ… يسجّل ويحمل الكأس ويُربك العناوين”، واعتبرت أن “الأسطورة البرتغالية لا يكتفي بالمشاركة، بل يُصرّ على أن يكون حاضرًا في أهم اللحظات”.

من جهتها، شدّدت “آس” الإسبانية على الجانب العاطفي في أداء رونالدو، وكتبت: “ربما تكون هذه آخر بطولة قارية كبرى يخوضها رونالدو، لكنه أراد أن يترك توقيعه الأخير كعادته: هدف، قيادة، وكأس”.

رونالدو ويامال أمتعا عشاق الكرة بصراع استثنائي بين جيلين (إ.ب.أ)

وذكّرت الصحيفة بأن هذا اللقب هو الرقم 36 في مسيرته الاحترافية، ما يعزز إرثه كأحد أنجح اللاعبين عبر التاريخ.

أما “بي بي سي” البريطانية، فقد ربطت بين هذه المواجهة و”رمزية الزمن”، وعلّقت: “رونالدو كان نجم النخبة العالمية قبل أن يُولد لامين يامال، وها هو اليوم يرفع الكأس أمامه”.

وتابعت القناة في تحليلها أن “ما فعله رونالدو في النهائي تجاوز حدود التسجيل؛ لقد مثّل درسا في القيادة والنضج والقدرة على الحسم في اللحظات الكبرى”.

وفي الصحافة البرتغالية، كان العنوان الأبرز من “ريكورد” هو: “رونالدو… يُنهيها كما بدأها: مجدٌ وكأس”، حيث نقلت الصحيفة مشاهد البكاء بعد التتويج ووصفتها بأنها لحظة ختام شاعرية لمسيرة ممتدة على مدى عقدين من الزمن.

على الجهة الأخرى من الميدان، خُصصت مساحات واسعة لتغطية أداء لامين يامال، اللاعب الذي يبلغ من العمر 16 عامًا فقط، والذي خاض أول نهائي قاري كبير في مسيرته. صحيفة “الباييس” الإسبانية كتبت في عنوانها: “يامال لا يهتز… حتى في حضرة الأسطورة”، واعتبرت أنه “قدّم واحدة من أكثر مبارياته نضجًا منذ انطلاقته مع المنتخب الإسباني”، مشيدة بتحركاته في الثلث الأخير وصناعته لفرص خطيرة.

أما “كادينا سير”، فقد اختارت التركيز على المقارنة المتداولة إعلاميًا بين يامال ورونالدو، مشيرة إلى أن “الرهان على الفتى الشاب لم يكن مغامرة، بل استثمار طويل الأمد”.

ولفتت إلى أن رونالدو نفسه، في المؤتمر الصحافي السابق للمباراة، دعا الصحافة إلى “ترك الفتى ينمو”، وقال: “من أجل مستقبل الكرة، لا تضعوا عليه الكثير من الضغط”.

1749430215 382 رونالدو لا يشيخ
لاعبو البرتغال يحتفلون مع جماهيرهم باللقب الأوروبي (د.ب.أ)

من ناحيتها، وصفت “موندو ديبورتيفو” المواجهة بأنها “امتحان نضوج” ليامال، مشيرة إلى أنه “نجح في عبور أول اختبار له في المباريات الكبرى”، رغم أن إسبانيا لم تحسم اللقب. وأضافت الصحيفة أن “من يشاهد تحركاته تحت الضغط سيُدرك أننا أمام مشروع لاعب استثنائي”.

واختارت “دايلي تلغراف” عنوانًا معبّرًا، “عندما يلتقي آخر المحاربين بأول الأمراء”، في إشارة إلى لقاء رونالدو ويامال، ووصفت النهائي بأنه “أكثر من مباراة؛ هو لحظة ثقافية وإنسانية وكروية تُجسّد تحول المشعل من جيل إلى آخر”.

أما شبكة “اس بي ان”، فقد ركّزت على تفاصيل ردود الفعل بعد المباراة، وأبرزت لقطة احتضان رونالدو ليامال بعد نهاية اللقاء، وكتبت: “لا يمكن تعليم هذه اللحظات في الأكاديميات… هذا ما تفعله الأساطير”. كما نوّهت إلى أن هدف رونالدو هو الـ138 له دوليًا، ما يجعله الهداف التاريخي للمنتخبات الوطنية بفارق شاسع عن أقرب منافسيه.

ورغم أن النهائي انتهى بنتيجة تعادل (2-2) في الوقت الأصلي، فإن ركلات الترجيح ابتسمت للبرتغال، التي رفعت لقبها الثاني في دوري الأمم بعد نسخة 2019. لكن ما جعل المباراة محطّ تركيز عالمي ليس فقط نتيجتها، بل رمزية المشاركين فيها.

الباييس اختتمت تغطيتها بجملة لافتة: “أمسك رونالدو بالكأس، لكن المستقبل يُطل من عيني يامال”، في إشارة إلى أن كرة القدم تُواصل دورتها، وأن الأضواء قد تنتقل قريبًا من الأسطورة إلى الظاهرة المنتظرة.