سجلت أسعار الذهب العالمية قفزة تاريخية غير مسبوقة حيث بلغت قيمة الأوقية 3700 دولار للمرة الأولى على الإطلاق ويأتي هذا الارتفاع مدفوعا بتكهنات قوية في الأسواق المالية حول اعتزام الولايات المتحدة خفض أسعار الفائدة خلال الأسبوع الجاري مما عزز جاذبية المعدن الأصفر كملاذ آمن للمستثمرين.
أوضح إيهاب واصف رئيس شعبة الذهب والمعادن الثمينة باتحاد الصناعات أن ضعف أداء الدولار الأمريكي كان عاملا حاسما في هذا الصعود القياسي للذهب فقد سجلت العملة الأمريكية أدنى مستوياتها منذ شهرين متتاليين وأشار إلى العلاقة العكسية المعروفة بين الدولار والذهب حيث يؤدي انخفاض قيمة العملة الأمريكية إلى زيادة الطلب على المعدن النفيس.
وأضاف واصف أن بيئة الفائدة المنخفضة التي يترقبها المتعاملون تقلل من تكلفة الفرصة البديلة لحيازة الذهب الذي لا يدر عائدا بحد ذاته مما يجعله استثمارا أكثر جاذبية في مثل هذه الظروف وأكد أن هذا الارتفاع القياسي لم ينتظر القرار الرسمي من مجلس الاحتياطي الفيدرالي بل جاء مدعوما بمطالبات علنية من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عبر منصات التواصل الاجتماعي دعا فيها رئيس الفيدرالي جيروم باول إلى إجراء خفض أكبر في أسعار الفائدة.
وتعكس هذه المكاسب العالمية التي تجاوزت نسبتها 40% منذ بداية العام نفسها بقوة على السوق المصرية حيث شهدت أسعار الذهب محليا ارتفاعا ملحوظا فقد قفز سعر جرام الذهب من عيار 21 وهو الأكثر شيوعا ورواجا في مصر ليسجل أعلى مستوى له منذ شهر أبريل من عام 2025.
وعلى الصعيد المحلي واصلت أسعار الذهب في مصر تحقيق مكاسبها للجلسة الثانية على التوالي متأثرة بالصعود التاريخي للأسعار العالمية في ظل استقرار نسبي في سعر الصرف المحلي وهو ما جعل التسعير يعتمد بشكل مباشر على البورصة العالمية وقد افتتح عيار 21 تداولات اليوم الثلاثاء عند مستوى 4960 جنيها للجرام قبل أن يرتفع إلى 4965 جنيها.
وكان الذهب قد أنهى تداولات الأمس مرتفعا بنحو 45 جنيها حيث أغلق عند 4945 جنيها للجرام مقارنة بسعر الافتتاح الذي كان 4900 جنيه ووفقا لرئيس شعبة الذهب فإن تمكن السعر المحلي من اختراق حاجز 4900 جنيه أعطاه زخما قويا دفعه لتجاوز مستوى 4950 جنيها ويستهدف حاليا الوصول إلى مستوى 5 آلاف جنيه للجرام.
تتجه أنظار المستثمرين الآن صوب الاجتماع المرتقب للفيدرالي الأمريكي وتحديدا إلى تصريحات رئيسه جيروم باول التي ستعقبه بالإضافة إلى الخريطة المستقبلية لتوقعات البنك بشأن الفائدة والنمو الاقتصادي والتضخم ومعدلات البطالة فإذا ألمح البنك إلى استعداده لمزيد من التخفيضات في الفائدة خلال العامين الجاري والمقبل فمن المرجح أن يواصل الذهب رحلة صعوده لمستويات قياسية جديدة أما إذا كانت لهجة باول متحفظة فقد يشهد المعدن الأصفر حركة تصحيحية بعد موجة الارتفاعات الأخيرة.
وتشير التوقعات شبه المؤكدة حاليا إلى أن الفيدرالي سيقوم بخفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس بينما تظل احتمالات خفضها بمقدار 50 نقطة أساس ضعيفة ومع ذلك فإن ضغوط ترامب قد تدفع نحو سياسة نقدية أكثر تيسيرا ويدعم هذا التوجه بيانات مجلس الذهب العالمي التي أظهرت زيادة صافي التدفقات النقدية لصناديق الاستثمار المتداولة المدعومة بالذهب للأسبوع الثالث على التوالي مسجلة 14.9 طن في الأسبوع المنتهي في 12 سبتمبر وهو أعلى مستوى لها منذ منتصف أبريل الماضي.
