
يُعرف اضطراب طيف التوحد بأنه حالة نمائية عصبية تؤثر على تطور الدماغ لدى الأطفال مما ينعكس بشكل مباشر على طرق تفاعلهم وتواصلهم مع العالم المحيط بهم. ويعد فهم العلامات المبكرة لهذا الاضطراب خطوة جوهرية تمكن الأهل من توفير الدعم اللازم في الوقت المناسب لتحسين قدرات الطفل ومهاراته.
التوحد ليس مرضا بل هو اضطراب يظهر عادة خلال السنوات الثلاث الأولى من حياة الطفل وتتفاوت أعراضه بشكل كبير بين حالة وأخرى وهو ما يفسر استخدام مصطلح طيف التوحد لوصفه حيث قد تكون العلامات بسيطة لدى طفل وشديدة لدى طفل آخر.
تتجلى أبرز مؤشرات التوحد في ضعف التواصل الاجتماعي حيث يميل الطفل المصاب إلى تجنب النظر المباشر في عيون من يخاطبه وقد لا يستجيب عند مناداته باسمه. كما يفضل غالبًا اللعب بمفرده على الانخراط مع أقرانه ويواجه تحديات في فهم مشاعر الآخرين أو التعبير عن مشاعره الخاصة.
يصاحب ذلك تأخر ملحوظ في تطور اللغة والكلام فالطفل قد لا يبدأ في نطق الكلمات البسيطة في السن المتوقع أو قد يستخدم كلمات غريبة ويردد جملا معينة بشكل مستمر كما يجد صعوبة في المشاركة في حوار طبيعي أو الإجابة على الأسئلة الموجهة إليه.
من السمات المميزة أيضا ظهور سلوكيات متكررة وغير اعتيادية مثل رفرفة اليدين أو تأرجح الجسم بشكل مستمر. ويظهر الطفل ارتباطا قويا بروتين يومي صارم ويجد صعوبة كبيرة في تقبل أي تغيير يطرأ عليه بالإضافة إلى إظهار اهتمام مبالغ فيه بموضوع معين أو لعبة محددة كترتيب الأشياء بنمط متكرر.
يعاني الكثير من أطفال التوحد من مشكلات حسية إذ يظهرون حساسية مفرطة تجاه الأصوات العالية أو الأضواء الساطعة أو بعض الروائح. وقد يرفضون أنواعا معينة من الطعام بسبب ملمسها وفي المقابل قد يبحثون عن إثارة حسية عبر سلوكيات مثل التحديق في الأضواء أو الدوران حول أنفسهم.
هناك علامات مبكرة ينبغي على الأهل الانتباه إليها بشكل خاص وتشمل عدم ظهور الابتسامة خلال الشهور الأولى من عمر الرضيع وغياب محاولاته للتواصل غير اللفظي كالإشارة أو التلويح بيده عند بلوغه عامه الأول. ومن المؤشرات المقلقة أيضا عدم نطقه لأي كلمات مفهومة ببلوغه 16 شهرا أو فقدانه المفاجئ لمهارات كان قد اكتسبها بالفعل مثل القدرة على الكلام.
يؤكد الخبراء أن اكتشاف هذه الأعراض في وقت مبكر يزيد من فرص الطفل في الحصول على الدعم المتخصص اللازم كالعلاج السلوكي وبرامج تنمية مهارات التواصل والدعم التعليمي مما يسهم بشكل فعال في تحسين جودة حياته وحياة أسرته.