
يتجه الكثير من الناس في ظل تسارع إيقاع الحياة وزيادة الضغوط اليومية نحو البحث عن حلول صحية يعتقدون أنها أكثر أمانا وطبيعية لمشاكلهم الجسدية والنفسية وهنا يبرز الطب البديل كخيار شائع يتم الترويج له باعتباره خاليا من المضاعفات مقارنة بالعلاجات التقليدية ولكن هذا الاعتقاد الشائع ليس صحيحا على الدوام فليست كل ممارسة طبيعية بالضرورة آمنة تماما.
إن تجاهل التشخيص الطبي المتخصص والاعتماد الكامل على العلاجات البديلة قد يشكل خطرا حقيقيا على الصحة فبعض الأعراض التي قد تبدو بسيطة يمكن أن تكون في الواقع مؤشرات أولية لأمراض خطيرة تتطلب تدخلا طبيا فوريا مثل أمراض القلب أو الأورام وتأخير الحصول على الرعاية الطبية المناسبة قد يؤدي إلى تفاقم الحالة وجعل العلاج أكثر صعوبة.
وتكمن إحدى أبرز المخاطر في التفاعل السلبي الذي قد يحدث بين بعض الأعشاب الطبية والأدوية الموصوفة من قبل الأطباء على سبيل المثال يمكن لنبتة القديس يوحنا التي تستخدم أحيانا لتحسين المزاج أن تقلل من فعالية أدوية حيوية مثل علاجات الاكتئاب وحبوب منع الحمل كما أن عشبة الجنكة قد تزيد من خطر النزيف عند تناولها بالتزامن مع الأدوية المسيلة للدم.
وتشير خبيرة في مجال الطب البديل إلى أن هذا المصطلح يضم مجموعة واسعة من الممارسات العلاجية التي لا يتم تدريسها بشكل منهجي في كليات الطب الحديثة ومن بين هذه الممارسات العلاج بالأعشاب الطبية والحجامة والوخز بالإبر والعلاج بالزيوت العطرية والتداوي من خلال أنظمة غذائية معينة ورغم أن بعض هذه الطرق قد يكون لها فوائد في سياقات معينة إلا أن الكثير منها يفتقر إلى الأدلة العلمية القوية التي تثبت فعاليتها وقد تحمل في طياتها مخاطر غير متوقعة.
يجب الحذر أيضا من المصادر غير الموثوقة للمعلومات فكثير من الوصفات العلاجية المنتشرة عبر الإنترنت أو المتوارثة عبر الأجيال قد لا تستند إلى أي أساس علمي بل تعتمد على تجارب فردية أو معتقدات شعبية كما أن الاعتماد على معالجين يفتقرون إلى التأهيل العلمي والتدريب الطبي قد يعرض صحة الأفراد للخطر خاصة إذا قدموا وعودا غير واقعية بالشفاء التام دون الحاجة إلى الطب التقليدي.
ومع ذلك لا يمكن اعتبار جميع ممارسات الطب البديل ضارة فهناك العديد من العلاجات التي يمكن أن تكون مفيدة كعلاجات تكميلية عند استخدامها بحكمة وتحت إشراف متخصص فتقنيات مثل التأمل والمساج العلاجي وبعض أنواع الأعشاب والوخز بالإبر أظهرت نتائج إيجابية في تحسين جودة الحياة وتخفيف بعض الأعراض عند استخدامها جنبا إلى جنب مع العلاج الطبي التقليدي.
يمكن اللجوء إلى الطب البديل كعلاج مكمل وليس بديلا أساسيا عن الرعاية الطبية الحديثة ومن الضروري استشارة الطبيب قبل البدء بأي علاج بديل للتأكد من أنه آمن ولا يتعارض مع الأدوية الموصوفة كما ينبغي التأكد من معرفة جميع مكونات العلاج المقترح وتأثيراتها المحتملة على الجسم والابتعاد عن أي علاج يتم الترويج له على أنه حل سحري أو فوري لجميع الأمراض.
يجب الامتناع فورا عن أي علاج بديل إذا طلب منك المعالج التوقف عن تناول دواء فعال وصفه لك طبيبك أو إذا كان المعالج نفسه يفتقر إلى الشهادات والتراخيص المعتمدة لممارسة المهنة كما أن غياب أي دليل علمي يدعم فعالية العلاج يعد مؤشرا خطيرا وكذلك إذا لوحظ أي تدهور في الحالة الصحية بعد البدء في استخدامه.