
تحافظ الأسر في منطقة الجوف على تقليد متوارث يعرف بحشو التمر وهو عملية تهدف لتحويل رطب الصيف إلى تمور مكنوزة يمكن الاستفادة منها على مدار العام وتحديدا في فصلي الشتاء ورمضان حيث تقدم كجزء أساسي من واجبات الضيافة العريقة في المنطقة.
على الرغم من انتشار تقنيات التعبئة والتغليف الحديثة في المصانع المتطورة إلا أن أهالي المنطقة لا يزالون يتمسكون بهذه العادة العريقة ويعملون على نقلها للأجيال القادمة لضمان استمراريتها كجزء من الموروث الثقافي والاجتماعي الذي يميزهم.
يعتمد الأهالي بشكل أساسي على إنتاج مزارعهم من تمر حلوة الجوف الشهير وتبدأ رحلة إعداد التمر المكنوز بمرحلة جمع المحصول من أشجار النخيل والتي يطلق عليها محليا اسم اللقاط أو الحداد بعد ذلك تأتي خطوة التجفيف الهامة التي تتم تحت أشعة الشمس مباشرة لضمان تبخر الرطوبة من الثمار بشكل كامل.
تلي ذلك مرحلة التقميع وهي عملية فرز دقيقة يتم فيها استبعاد التمور غير الملائمة للحفظ وإزالة النوى منها قبل أن تبدأ عملية التعبئة والكنز في عبوات مختلفة الأحجام مع الحرص الشديد على إغلاقها بإحكام لمنع تسرب الهواء إليها والحفاظ على جودتها وكانت الأواني الفخارية الكبيرة المعروفة بالخوابي هي الوسيلة التقليدية المستخدمة قديما لتخزين هذه التمور.
يُعرف هذا النوع من التمور المحفوظة في منطقة الجوف باسم المكنوز ولا تقتصر فائدته على تناوله بشكله النهائي فقط بل يستخلص منه أيضا دبس التمر ذو القيمة الغذائية العالية كما ينتج عنه التمر المجرش الذي يتميز بتبلور السكريات الطبيعية فيه مما يمنحه قواما ومذاقا فريدا ومميزا.
وتشكل هذه العادات والمنتجات الزراعية جزءا محوريا من هوية المنطقة الثقافية والاقتصادية حيث تحتفي الجوف سنويا بإنتاجها من خلال مهرجان التمور الذي يقام في محافظة دومة الجندل ويعتبر هذا المهرجان منصة تسويقية حيوية للمزارعين لعرض مختلف أنواع التمور التي تشتهر بها المنطقة أمام الزوار من داخلها وخارجها.