
يركز الكثيرون على إنقاص الوزن كمقياس أساسي للصحة الجيدة متناسين أن العافية الحقيقية تتجاوز مجرد أرقام الميزان وتعتمد على مؤشرات أكثر شمولية. إن صحة الجسم منظومة متكاملة تظهر علاماتها في تفاصيل الحياة اليومية بدءا من طبيعة الغذاء وصولا إلى الاستقرار النفسي والعاطفي.
أحد أهم المؤشرات على الصحة الجيدة هو طبيعة النظام الغذائي المتبع فإذا كانت وجباتك اليومية غنية بالفواكه والخضراوات ومصادر البروتين الخالية من الدهون والأطعمة الكاملة غير المصنعة فأنت على الأرجح تتمتع بصحة سليمة. ولا يكتمل هذا الأمر إلا بمفهوم الاعتدال فالتوازن هو مفتاح كل شيء. الأشخاص الأصحاء يدركون أن الاستمتاع ببعض الأطعمة غير الصحية بين الحين والآخر لا يضر طالما كان ذلك ضمن حدود معقولة وبدون إفراط. ومن المهم أن يتناسب ما تتناوله مع طبيعة جسمك ومستوى نشاطك فالكميات الموصى بها مثل 2500 سعرة حرارية للرجال و2000 للنساء هي مجرد إرشادات عامة قد لا تناسب الجميع ويمكن استشارة المختصين لتحديد الاحتياجات الدقيقة.
يرتبط ما نأكله بشكل مباشر بكفاءة الجهاز الهضمي لذا يعتبر انتظام حركة الأمعاء دليلا قويا على أن جسمك يعمل بشكل صحيح. ورغم أن المعدل يختلف من شخص لآخر فإن وجود نمط ثابت ومريح للإخراج اليومي يشير إلى أن عملية الهضم تسير بسلاسة. وبالمثل فإن لون البول يعد مؤشرا بصريا مباشرا على مستوى الترطيب في الجسم فاللون الصافي أو الأصفر الباهت يعني أنك تشرب كمية كافية من الماء وهو أمر حيوي لتحسين مظهر البشرة ودعم الهضم السليم ووظائف الجسم كافة.
النشاط البدني المنتظم هو ركن أساسي آخر في معادلة الصحة والعافية ولا يعني ذلك بالضرورة ممارسة التمارين الشاقة أو الجري لمسافات طويلة. فالأشخاص الأصحاء يحرصون على تحريك أجسامهم باستمرار حتى لو كان ذلك من خلال المشي اليومي لمدة 15 دقيقة الذي يقدم فوائد مذهلة. كما أن تمارين القوة ورفع الأثقال تعود بفوائد صحية هائلة على المدى الطويل للرجال والنساء على حد سواء.
كما أن للراحة دورا لا يقل أهمية عن الحركة. فالحصول على قسط كاف من النوم العميق والمريح هو علامة بارزة على الصحة العامة. عندما يركز الشخص على جودة نومه دون أن يشعر بالإرهاق المستمر خلال النهار فإن ذلك ينعكس إيجابيا على جميع جوانب صحته الجسدية والعقلية.
تتجلى قوة الجسم أيضا في قدرة جهازه المناعي على مواجهة الأمراض. فإذا كنت نادرا ما تصاب بنزلات البرد أو الأمراض الشائعة الأخرى فهذا يعني أن جهازك المناعي قوي ويعمل بكفاءة. وعادة ما يكون الأشخاص الذين يتبعون نظاما غذائيا متوازنا ويمارسون الرياضة ويحصلون على نوم كاف ويشربون كميات وافرة من الماء أقل عرضة للمرض مع الأخذ في الاعتبار أن هذا لا ينطبق بالضرورة على من يعانون من الحساسية الموسمية.
الصحة لا تكتمل إلا بالتوازن النفسي فالعقل والجسد مرتبطان ارتباطا وثيقا. لا يعني التمتع بصحة جيدة أن تكون سعيدا طوال الوقت بل أن تمتلك المرونة العاطفية والقدرة على التعامل مع ضغوطات الحياة والاعتراف بمشاعرك المختلفة وإدارتها بفاعلية.