
تحوّل هوس الشهرة السريعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي إلى ظاهرة بارزة بين الشباب خلال الفترة الأخيرة، حيث أصبح كثيرون يسعون لتحقيق حضور افتراضي كبير بأي وسيلة، بحسب تصريحات الدكتور أحمد أمين خبير العلاقات الإنسانية. هذا السعي المستمر للانتشار على منصات الإنترنت ينعكس بشكل واضح على الصحة النفسية للأشخاص وعلى علاقتهم بمن حولهم.
وأشار الدكتور أمين إلى أن عدد غير قليل من الشباب صاروا يربطون تقديرهم لذواتهم بأرقام المتابعين والإعجابات والمشاهدات على حساباتهم، الأمر الذي يسبب لهم هشاشة نفسية شديدة. إذ يمكن أن يؤدي تراجع التفاعل مع منشوراتهم إلى شعور بعدم الأهمية وفقدان الثقة بالنفس، مما يجعلهم معتمدين بشكل مبالغ فيه على استحسان الآخرين لتقدير ذواتهم.
وأوضح الخبير أن الانشغال المستمر بالتريندات يدفع البعض لتقمص شخصيات أو مواقف لا تعبر عن حقيقتهم الداخلية، في إطار محاولة مستمرة لجذب الانتباه. هذا السلوك يؤدي مع الوقت إلى نزاعات داخلية، وقد يفقد الفرد هويته الحقيقية نتيجة التماهي مع ما يفضله الجمهور بدلاً مما يعكس كيانه الفعلي.
وأشار الدكتور أمين كذلك إلى أن الشهرة المفاجئة تؤثر سلباً على خصوصية الشخص وتجعل حياته دائماً محل مراقبة وتفسير من الجميع، ما يفرض عليه ضغوطاً كبيرة ويدفعه أحياناً إلى البحث المستمر عن إثارة الجدل للحفاظ على تواجده، حتى لو كان ذلك على حساب راحته النفسية أو سمعته في المجتمع.
وبحسب خبير العلاقات الإنسانية فإن التأثير لا يقتصر على الأفراد فقط، بل يمتد إلى طبيعة العلاقات الاجتماعية، ففي كثير من الحالات تكون العلاقات التي تتشكل عبر الشهرة على وسائل التواصل سطحية أو تقوم على المصلحة والإعجاب المؤقت، مما يعزز مشاعر العزلة لدى صاحب الشهرة عندما يدرك أن المحيطين به مهتمون بالشكل الظاهري وليس بشخصيته الحقيقية.
وأكد الدكتور أحمد أمين أن الشهرة ليست ضارة بحد ذاتها إذا كانت نتيجة جهد وإبداع فعلي، لكن المشكلة تكمن في السعي للانتشار بأي ثمن والانشغال المتواصل بالصورة العامة. كما شدد على أهمية تحقيق التوازن بين رغبة الظهور وحاجة الإنسان للحفاظ على استقراره النفسي والعلاقات الإنسانية السليمة، في سبيل الحفاظ على الهوية والاتزان الشخصي.