
كشفت هيئة تطوير المدينة المنورة تفاصيل جديدة حول أطوال الطرق داخل الأحياء من خلال مؤشر أطلس الخاص بالحالة التنموية للبنية التحتية للنقل في المدينة، حيث تم رصد بيانات دقيقة توضح مدى تطور منظومة النقل ودورها في تعزيز الاقتصاد المحلي والنمو العمراني. جاءت هذه المعلومات لتؤكد أهمية تحليل أطوال الطرق باعتبارها أحد مؤشرات التوزيع السكاني ومقومات التنمية، بالإضافة إلى أثرها على الخدمات العامة واحتياجات الأحياء المتنوعة، الأمر الذي يسهم في اتخاذ قرارات دقيقة تساعد في تحسين جودة الحياة وتخطيط المشاريع المستقبلية.
التقرير الصادر عن الهيئة أظهر وجود تفاوت كبير بين الأحياء فيما يتعلق بأطوال الطرق، حيث تصدر حي الدفاع القائمة بطول 328.6 كيلومترا، تلاه حي العزيزية بمسافة تصل إلى 262.7 كيلومترا، ثم حي السلام بـ237.4 كيلومترا، وحل حي العاقول في المرتبة الرابعة بطول طرق بلغ 233.2 كيلومترا. كما سلط التقرير الضوء على الأحياء الأكثر كثافة في طول الطرق بالنسبة لمساحة الحي، فجاء حي الأصفيرين في المقدمة بنسبة 41.2 كيلومتر لكل كيلومتر مربع، يليه السيح بـ35.5 كيلومتر لكل كيلومتر مربع، بينما سجل حي المغسيلية 34.6 كيلومتر لكل كيلومتر مربع، ثم العنابس 33.5 كيلومتر، وأخيرا حي السقيا بنسبة 31.1 كيلومتر لكل كيلومتر مربع.
واستعرض التقرير توزيع شبكة الطرق على أربعة نطاقات رئيسية، أبرزها النطاق الممتد بين الطريق الدائري الثاني وطريق الأمير نايف بن عبد العزيز، حيث يحتوي هذا النطاق على أكثر من ثلث إجمالي أطوال شبكة الحركة في المدينة، موضحا أن بقية النطاقات موزعة بين الأحياء المحصورة بين الطريق الدائري الأول وطريق الأمير عبد المجيد، ثم ما بين طريق الأمير عبد المجيد والدائري الثاني، وأخيرا بين طريق الأمير نايف بن عبد العزيز والطريق الدائري الثالث.
أوضح المهندس الاستشاري كمال رشيد القبلي، في حديث خاص، أن أطوال الطرق ومساحات الأحياء وعدد السكان تتغير بالاقتراب أو الابتعاد عن وسط المدينة، حيث تقل مع تقارب المركز وتزداد في المناطق الخارجية، وهو ما يبرز الحاجة لتعزيز خدمات النقل العام وتوفير أسواق وخدمات متنوعة لتلبية احتياجات السكان دون الحاجة لدخول وسط المدينة.
أشار القبلي إلى القيمة التي تضيفها هذه المؤشرات في التخطيط لبناء المدارس والمستشفيات والمساجد والمعاهد التدريبية والنوادي الرياضية والترفيهية بما يتناسب مع احتياجات السكان ومساحات الأحياء، خصوصا في المناطق البعيدة ذات الشوارع الطويلة، إذ ينبغي دراسة التوزيع السكاني والخدمات لإحداث توازن وتنمية مستدامة.
ودعا المهندس الهيئة والأمانة إلى تشجيع التملك في بعض الأحياء عبر تقديم محفزات مثل تقليل تكاليف استهلاك الكهرباء والمياه وتخفيض رسوم الرخص، كما اقترح منح امتيازات تجارية لزيادة الكثافة السكانية وتحسين الاستفادة من المرافق والخدمات، مشيرا إلى أهمية تحديد أنواع وسائل النقل المناسبة لكل نطاق سكني، حيث تتناسب خدمات سيارات التاكسي مع مناطق وسط المدينة والشوارع القصيرة، في حين تزداد الحاجة إلى الحافلات العامة في المناطق البعيدة ذات الطرق الطويلة.
كذلك أوصى القبلي بعقد ندوات ومحاضرات توعوية لعرض هذه المؤشرات وتعريف المواطنين والمستثمرين والمطورين العقاريين بها لمساعدتهم في بناء خطط التطوير والاستثمار العقاري وفق هذه البيانات الدقيقة، لتعزيز فرص الاستفادة المثلى من الموارد والتخطيط المدروس للمشاريع السكنية والخدمية.