
مع اقتراب انطلاق العام الدراسي الجديد 1447هـ يزداد قلق الأسر في المملكة بشأن الحفاظ على صحة أولادهم، خصوصًا في ظل تزايد اعتماد الأطفال على الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية في المنزل. تتنامى هذه المخاوف بشكل أكبر فيما يتعلق بصحة العيون، إذ يقضي كثير من الطلاب ساعات طويلة أمام الشاشات بغرض اللعب أو مشاهدة الفيديوهات، مما أثار قلق الأطباء والمتخصصين حول التأثيرات السلبية لهذا السلوك على المدى البعيد.
يحذر الخبراء من أن الإفراط في استخدام الأجهزة الإلكترونية يعرّض الأطفال لمشكلات كبيرة مثل إرهاق العين وجفافها والصداع المستمر، كما يؤدي الى ضعف تدريجي للنظر. وقد تؤثر هذه الأعراض سلبًا على قدرة الطلاب في التركيز والتحصيل داخل الصف، ليصبح الأمر تحديًا يفرض على الأسرة والمدرسة متابعة صحية مشتركة.
تشدد د. بشائر الظهواني، استشارية طب وجراحة العيون بمغربي الصحية بمكة، على أهمية الفحص الدوري لصحة النظر للأطفال منذ دخولهم المدرسة، واستمرار المتابعة السنوية أو نصف السنوية حتى مع غياب الأعراض الظاهرة. وتبين أن كثرة تعرض العيون للشاشات يؤدي إلى إرهاق عضلات العين ويرفع احتمال الإصابة بمشكلات بصرية دائمة في المستقبل، قد تؤثر بدورها في مستوى أداء الطفل الدراسي.
تشير الدراسات الحديثة إلى زيادة انتشار أمراض بصرية مرتبطة بالشاشات، حيث تظهر أخطاء انكسارية مثل قصر النظر أو طوله أو الاستجماتيزم بين الطلاب، ما يسبب صعوبة في متابعة الدروس داخل الفصل. من جهة أخرى ينتشر مرض كسل العين الذي قد يؤدي إلى فقدان دائم للقدرة البصرية في حال التأخر في اكتشافه. كما يتنامى بين الطلاب التهاب الملتحمة أو العين الوردية، الذي يسهل انتقاله عبر مشاركة الأدوات أو التلامس المباشر، ويصاحبه احمرار في العين وحكة وإفرازات مزعجة.
للتقليل من هذه المخاطر ينصح أطباء العيون بتبني قاعدة 20-20-20، التي تقضي بأن يأخذ الطفل استراحة قصيرة كل 20 دقيقة ينظر خلالها إلى نقطة تبعد 20 قدمًا (6 أمتار) لمدة 20 ثانية، بهدف إراحة عضلات العين وتقليل الإرهاق. كما يؤكد المختصون على أهمية الإضاءة الجيدة أثناء المذاكرة والحرص على عدم التعرض للضوء الأزرق المنبعث من الشاشات قبل النوم بساعة على الأقل، مع استعمال القطرات المرطبة عند الشعور بجفاف العين. ويرى الأطباء أن قضاء وقت كافٍ في الأنشطة الخارجية والهواء الطلق يمنح العيون الفرصة للراحة ويعزز من حدة النظر، إضافة إلى الحاجة المتكررة لزيارة عيادة العيون للكشف المبكر عن أي مشكلات.
تضطلع المدرسة بدور محوري في حماية نظر الطلاب بجانب الأسرة. فالتعاون بين المعلمين وأولياء الأمور ضروري لمراقبة استخدام الأجهزة الإلكترونية وتوجيه الطلاب إلى الأساليب الصحية في العناية بالعين. تشمل النصائح غسل اليدين باستمرار، تجنب لمس العينين بأيد ملوثة، وعدم تبادل الأدوات أو المناشف الشخصية، مع إبقاء الطلاب المصابين بالتهاب العين في المنزل حتى شفائهم الكامل.
تؤكد د. الظهواني أهمية النظام الغذائي الغني بفيتامين أ والكاروتينات والمعادن وأحماض أوميغا 3 لتعزيز صحة العينين وقوة النظر، محذرة من عادات خاطئة مثل إهمال ارتداء النظارات عند الحاجة أو فرك العينين بشدة. وتشدد أيضًا على ضرورة حملات التوعية الصحية الموجهة للأسر لتعريفهم بأهمية متابعة صحة الأبناء وتشجيع النظافة الشخصية، فضلا عن تهيئة بيئات مدرسية ملائمة وتوفير استراحات كافية للطلاب.
يعتبر الحفاظ على صحة البصر استثمارًا ضروريًا لمستقبل الطلاب، ويحظى بأهمية كبيرة لضمان نجاحهم في الدراسة وقدرتهم على مواكبة تطورات العصر الرقمي. وتعتمد حماية النظر على جهود متكاملة من الأسرة والمدرسة والمؤسسات الصحية، من خلال الالتزام بالتوجيهات الوقائية وإجراء الفحوصات الدورية وتطبيق الممارسات الصحية اليومية التي تدعم سلامة العيون وتحسن من تركيز الطلاب وأدائهم العلمي.