
تواصل حرفة الندافة الحفاظ على مكانتها بين الحرف التقليدية في منطقة الحدود الشمالية، حيث ترتبط هذه المهنة بالذاكرة الشعبية وتظهر جانباً من مهارات الأهالي في صناعة الأدوات المنزلية من المواد الطبيعية. على الرغم من تطور الصناعات وظهور المنتجات الجاهزة التي وفرت بدائل عديدة، فإن عدداً من سكان مدن ومحافظات شمال المملكة، خاصة في عرعر، يصرون على ممارسة هذه المهنة المتوارثة، ويستندون في ذلك إلى خبرات اكتسبوها من آبائهم وأجدادهم لتلبية رغبات المهتمين بالمنتجات الطبيعية أو الباحثين عن قطع تراثية أصيلة.
وفي توضيح حول طبيعة العمل، يشير الحرفي نضال فيصل العبيد إلى أن النداف هو من يقوم بتنظيف القطن والصوف وجلببتهما وتنعيمهما باستخدام أدوات تقليدية، ثم إعادة تشكيل هذه المواد وتحويلها إلى مفارش ولحف ووسائد كانت العنصر الأهم في المنازل قبل انتشار المنتجات الصناعية الحديثة. وتتميز منتجات الندافة بجودتها العالية؛ إذ تعتمد على مواد طبيعية صديقة للبيئة وتحمل طابعاً يدوياً فريداً، مما يجعلها مطلوبة داخل المعارض التراثية والمهرجانات الوطنية المهتمة بالتراث والهوية السعودية.
وتزدهر هذه الحرفة بشكل خاص في منطقة الحدود الشمالية، المعروفة بكونها منطقة رعوية تتوفر فيها المواشي وخاصة الأغنام، ما يؤدي إلى وفرة الصوف كمادة خام أساسية تستند إليها مهنة الندافة. هذه الوفرة ساعدت في استمرار المهنة وضمان حضورها في المجتمع المحلي رغم التحديات الجديدة التي فرضتها الصناعات الحديثة.
مع مرور الوقت، شهدت الندافة تطوراً في الأساليب والأدوات، حيث غالباً ما يستخدم الحرفيون اليوم آلات بسيطة تعوض عن الأدوات التقليدية القديمة وتساهم في تنفيض وتسوية الصوف بوتيرة أسرع وأكثر تنظيمًا. وتبدأ العملية باختيار أجود أنواع الصوف، ثم تنظيفه وعرضه على مراحل التنعيم قبل عملية الحشو داخل أقمشة محلية الصنع للحصول على منتج نهائي يجمع بين المتانة والجمال والأصالة والحداثة معاً.
على صعيد آخر، تستمر جهود هيئة التراث ووزارة الثقافة في دعم الحرفيين، وذلك في إطار تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030 الهادفة إلى تمكين الحرف اليدوية وتطوير منتجاتها وتسويقها محلياً وخارجياً. وتستهدف هذه المبادرات تحويل الحرف التقليدية إلى مصادر حيوية للصناعة الوطنية وباب رزق للكثير من الأسر، في حين تواصل هذه الحرفة الأصيلة نقل موروث الآباء والأجداد للأجيال الجديدة.