
ترسم منطقة عسير لوحة طبيعية مذهلة معلنة عن دخول فصل الخريف حيث تعانق السحب الكثيفة والضباب سفوح الجبال الشاهقة وتغمر أحياء مدينة أبها في مشهد جوي بديع يخطف الأنظار ويعكس جمال الطقس الفريد الذي يميز هذه الفترة من العام في جنوب المملكة.
يرتبط فصل الخريف في عسير بظواهر مناخية مميزة تمنحه طابعا خاصا إذ يتميز بتدفق الغيوم وانخفاض ملموس في درجات الحرارة بالإضافة إلى تزايد فرص هطول الأمطار المتفرقة التي تروي الأرض وتنعش الغطاء النباتي ليتحول المشهد العام إلى واحة خضراء يلفها الضباب الساحر.
ويشكل هذا الفصل مرحلة انتقالية مهمة بين أمطار الصيف الغزيرة والأجواء المعتدلة مما يجعله موسما سياحيا بامتياز يجذب الزوار والمصطافين من مختلف أنحاء المملكة وخارجها للاستمتاع بهذه الأجواء الاستثنائية والطبيعة الخلابة التي قل نظيرها.
ويكتسب هذا التوقيت من العام أهمية خاصة في الموروث الشعبي والزراعي لأهالي المنطقة فبحسب ما أورده الباحث الدكتور عبدالله بن علي آل موسى في كتابه التقويم الزراعي في عسير فإن بداية الخريف ترتبط فلكيا بظهور نجم سهيل الذي يبدأ في 29 يوليو ويُعرف محليا بغزارة أمطاره وكثرة ضبابه حتى أطلق عليه السكان اسم غطاط سهيل لكثرة ما يغطي المنطقة من ضباب كثيف.
وتُعد فترة سهيل من أجمل أوقات السنة وأكثرها سحرا في عسير فالأجواء تعتدل وتصل غالبية فواكه الخريف إلى مرحلة النضج وعلى رأسها فاكهة الرمان التي يبدأ موسمها في هذه الفترة ليضيف للمشهد الطبيعي بعدا اقتصاديا وثقافيا مهما.
ويعتمد سكان منطقة عسير على هذه الإشارات الطبيعية لتنظيم حياتهم الزراعية والاجتماعية فظهور الغيوم الكثيفة بهذا الشكل يُعتبر مؤشرا على انتهاء موسم الأمطار الصيفية وبدء فصل جديد تتغير معه حركة الرياح وتتحدد مواعيد زراعة المحاصيل الجديدة.
وتظل مدينة أبها نموذجا فريدا لجمال الخريف في المملكة بمشاهد الضباب المعلق فوق قممها الشاهقة وتناغم طقسها المعتدل مع طبيعتها الجبلية الساحرة في منظر يعكس الثراء البيئي والسياحي للمنطقة ويعزز مكانتها كوجهة رئيسية للسياحة الجبلية والريفية.