
شهدت الأسواق العالمية ارتفاعا ملحوظا في أسعار الذهب مدفوعة بتزايد التوقعات لدى المستثمرين بأن البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي سيتجه لخفض أسعار الفائدة في اجتماعه القادم خلال شهر سبتمبر وهو ما عزز من جاذبية المعدن الأصفر كأداة استثمارية رئيسية في ظل حالة عدم اليقين الاقتصادي.
انعكس هذا الصعود العالمي بشكل مباشر وفوري على السوق المحلي في مصر حيث سجل سعر الذهب اليوم الاثنين زيادة تقدر بنحو 25 جنيها في الجرام الواحد لجميع الأعيرة المتداولة وقد جاءت هذه القفزة على خلفية ارتفاع سعر الأونصة في البورصات الدولية.
وبلغ سعر جرام الذهب من عيار 24 مستوى 5389 جنيها بينما وصل سعر الجرام من عيار 21 الأكثر انتشارا إلى 4715 جنيها. أما عيار 18 فقد سجل 4041 جنيها للجرام في حين وصل سعر جرام الذهب من عيار 14 إلى 3143 جنيها كما ارتفع سعر الجنيه الذهب ليسجل 37720 جنيها.
وفي تحليل لأهمية الذهب في المنظومة المالية العالمية أوضح الخبير والمحلل في أسواق الذهب طاهر مرسي أن المعدن الأصفر نجح في اعتلاء عرش الأصول العالمية من حيث القيمة السوقية التي قفزت لتقترب من 24 تريليون دولار. وأشار مرسي إلى أن هذه القيمة الهائلة تكاد تعادل مجموع القيم السوقية لأكبر عشرة أصول وشركات مالية تلي الذهب في الترتيب العالمي مما يعكس مكانته الفريدة وحجمه الحقيقي في الاقتصاد.
وميز الخبير بين طبيعة الذهب كأصل مادي ملموس يمتلك قيمة ذاتية وبين الأصول المالية الأخرى مثل الأسهم التي تمثل أرقاما اسمية أكثر من كونها قيمة يمكن تسييلها بشكل فوري على أرض الواقع. وضرب مثلا بشركة إنفيديا التي تفوق قيمتها السوقية 4 تريليونات دولار مؤكدا أن هذا الرقم لا يمكن تحصيله نقدا لأن أي عملية بيع كبيرة لأسهمها قد تتسبب في انهيار السعر بشكل فوري.
وأكد مرسي على السمة الاستثنائية للذهب والمتمثلة في استقراره حيث لم يحدث تاريخيا أن هبط سعر الذهب بنسبة 20% في جلسة واحدة بل إن انخفاضا بنسبة 5% لم يشهده السوق على الإطلاق وهو ما يختلف جذريا عن التقلبات الحادة التي تتعرض لها أسواق الأسهم.
وأضاف الخبير أن طريقة حساب القيمة السوقية للذهب حاليا لا تعكس قيمته الكاملة فهي تعتمد على الأسعار الفورية في البورصة الدولية بينما تكون الأسعار خارج البورصات خاصة في الولايات المتحدة أعلى في بعض الأحيان بما يزيد عن 200 دولار للأونصة وهو ما يعني أن القيمة السوقية المعلنة أقل من القيمة الحقيقية بما لا يقل عن 5 بالمئة.
كما لفت مرسي إلى أن التقديرات الرسمية تشمل فقط الذهب المسجل والموثق عالميا في حين توجد احتياطيات ضخمة وأرصدة غير مدرجة ضمن هذه الحسابات فضلا عن الذهب المحتفظ به بشكل غير معلن وهو ما يجعل التقييم الفعلي للمعدن النفيس أضعاف الرقم المتداول رسميا.
وتأتي هذه التحركات في الأسعار مدعومة ببيانات مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي في الولايات المتحدة والذي يعتبر مقياس التضخم المفضل لدى الفيدرالي حيث جاءت قراءاته الأخيرة متوافقة مع التوقعات. ونتيجة لذلك تضع أسواق المال الآن احتمالية تقارب 90% لقيام البنك بخفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس هذا الشهر مقارنة بتوقعات كانت عند 75% فقط قبل صدور البيانات.
وزادت تصريحات ماري دالي رئيسة البنك الاحتياطي الفيدرالي في سان فرانسيسكو من هذه التوقعات بعد أن كررت دعمها لخفض الفائدة نظرا للمخاطر التي يواجهها سوق العمل. وعلى صعيد آخر تزايد الإقبال على الذهب كملاذ آمن بعد أن قضت محكمة استئناف أمريكية بعدم قانونية العديد من الرسوم الجمركية المفروضة في عهد ترامب على واردات صينية مما أثار تساؤلات حول مستقبل السياسات التجارية.