
لم يعد الانفصال مقتصرا على الأزواج في بداية حياتهم المشتركة بل امتد ليشمل زيجات دامت لعقود طويلة فيما يعرف بظاهرة الطلاق الرمادي. يشير هذا المصطلح إلى حالات الطلاق التي تقع بين الأزواج الذين تجاوزوا الخمسين من عمرهم وغالبا ما تكون بمبادرة من الرجل بعد سنوات طويلة من الحياة الزوجية وهو ما يثير تساؤلات حول الدوافع الكامنة وراء هذا القرار المصيري في مرحلة متقدمة من العمر.
أوضح الدكتور سلمان إمام استشاري الطب النفسي وعلاج الإدمان أن هناك مجموعة من الأسباب النفسية والاجتماعية التي تقف خلف قرار الرجل بالانفصال بعد سن الخمسين. يأتي على رأس هذه الأسباب فتور العلاقة العاطفية وتحولها إلى روتين ممل خال من الدفء والمشاعر حيث يبدأ الرجل في البحث عن شرارة جديدة تعيد إليه الإحساس بالحياة والاهتمام.
ويتفاقم هذا الوضع بسبب غياب الحوار الفعال وتراكم الخلافات الصغيرة على مر السنين مما يخلق فجوة عميقة تجعل الرجل يشعر بالغربة داخل منزله وكأنه يعيش مع شخص غريب لا يجمعه به سوى الذكريات.
يدفع شعور بعض الرجال بأنهم ضحوا بأحلامهم وطموحاتهم الشخصية من أجل الأسرة إلى الرغبة في استعادة حريتهم والبحث عن ذواتهم لا سيما مع اقتراب سن التقاعد أو مغادرة الأبناء للمنزل حيث يرون أن الوقت قد حان ليعيشوا لأنفسهم.
وفي حالات أخرى قد يلجأ بعض الرجال إلى الدخول في علاقات عاطفية جديدة خارج إطار الزواج بحثا عن الاهتمام والإعجاب المفقود وهو ما يكون دافعا قويا لاتخاذ قرار الانفصال وإنهاء علاقة استمرت لسنوات طويلة.
كما أن وصول الرجل في هذه المرحلة إلى ذروة نجاحه المهني واستقراره المادي يمنحه ثقة زائدة وشعورا بالقدرة على البدء من جديد فيعتقد أنه يستطيع إعادة تشكيل حياته بالشكل الذي يرضيه.
لا يمكن إغفال تأثير التغيرات الجسدية والنفسية التي تمر بها المرأة مع تقدمها في العمر فإذا لم يقابلها الرجل بالوعي الكافي والدعم النفسي اللازم فإنه قد يبتعد عنها بدلا من احتوائها مما يزيد من اتساع الفجوة بينهما.
ويرى إمام أن الطلاق ليس هو الحل الأمثل دائما خصوصا في سن متقدمة لما يحمله من تبعات نفسية واجتماعية وعائلية معقدة نظرا لطول الارتباط والممتلكات المشتركة والأبناء الذين أصبحوا كبارا.
واقترح أنه بالإمكان تجنب الطلاق الرمادي في الكثير من الحالات من خلال اللجوء إلى العلاج الزوجي أو جلسات الاستشارة المتخصصة والعمل على تجديد العلاقة عبر الحوار الصريح وإعادة اكتشاف الشريك بعيدا عن أدوار الأبوة والأمومة والتركيز على الأنشطة المشتركة التي تعيد للزواج حيويته.