يعتمد قطاع عريض من الرجال على العقاقير الطبية بشكل يومي للتعامل مع مشكلات صحية معتادة، كآلام الرأس المتكررة أو التوتر أو ارتفاع ضغط الدم، غافلين عن حقيقة أن هذه العلاجات قد تكون هي المتهم الخفي وراء تراجع دافعهم الجنسي. وفي هذا السياق، يشير المتخصصون إلى أن الفتور الجنسي لا يعود بالضرورة إلى التقدم في العمر أو الضغوط النفسية فحسب، بل كثيرًا ما يكون نتيجة غير متوقعة لمواظبة المريض على أصناف دوائية شائعة، حيث تتداخل كيمياء هذه الأدوية مع وظائف الجسم الطبيعية.
ومن أبرز هذه المسببات الاستخدام المفرط للمسكنات القوية، حيث يقع الكثيرون في فخ الاعتماد عليها بحثًا عن راحة لحظية، دون إدراك لتأثيراتها العميقة على الجهاز العصبي المركزي، مما يؤدي بمرور الوقت إلى تبلد الاستجابة الحسية وتقليل المؤثرات العصبية اللازمة للعملية الجنسية. علاوة على ذلك، قد يتسبب التعاطي المستمر لهذه المركبات دون رقابة طبية في إحداث خلل بالتوازن الهرموني للجسم، وهو ما يدفع الخبراء للتحذير من جعل المسكنات روتينًا يوميًّا للأوجاع الطفيفة حمايةً للقدرة الجنسية على المدى الطويل.
على صعيد آخر، تمثل أدوية القلب وعلاج ضغط الدم سيفًا ذا حدين؛ فهي ضرورية للحفاظ على الحياة وسلامة الدورة الدموية، لكنها في الوقت ذاته قد تعرقل الآليات الفسيولوجية للإثارة عبر تقليل تدفق الدماء أو تثبيط الإشارات العصبية المحفزة. ومع ذلك، تبقى القاعدة الذهبية هي عدم الانقطاع عن تناول هذه الأدوية بشكل مفاجئ أو عشوائي، بل البحث عن حلول وسطى من خلال الحوار مع الطبيب المعالج الذي قد يلجأ لتغيير الصنف الدوائي أو تعديل جرعاته بما يحفظ سلامة القلب ولا يضر بالكفاءة الجنسية.
كما يمتد هذا التأثير ليشمل فئات دوائية أخرى قد لا تخطر على البال، مثل مضادات الاكتئاب والقلق التي ورغم دورها الحيوي في استعادة التوازن النفسي، قد تكبح الرغبة عبر تأثيرها المباشر على النواقل العصبية المسؤولة عن الشعور بالمتعة والمزاج، مع العلم أن هناك خيارات علاجية بديلة أقل ضررًا يمكن اللجوء إليها. وتكمن المفاجأة أيضًا في مضادات الهيستامين وعلاجات نزلات البرد، التي تعمل على تجفيف الأغشية وتقليص الأوعية الدموية، مما ينعكس سلبًا بشكل مؤقت على الأداء، وكذلك أدوية الحموضة وقرحة المعدة التي يؤدي استخدامها المديد إلى عرقلة امتصاص معادن حيوية كالزنك والمغنيسيوم، مما يضعف الطاقة العامة والرغبة بمرور الوقت.
وفي الختام، يجمع الأطباء على خطورة اتخاذ قرارات فردية بوقف العلاج لمجرد الشعور بضعف الرغبة، لما في ذلك من تهديد جسيم للصحة العامة قد يفوق المشكلة الجنسية نفسها. وبدلًا من ذلك، يكمن الحل الأمثل في المصارحة الطبية الشاملة حول كافة العقاقير التي يتناولها الرجل، والالتزام بنمط حياة صحي وساعات نوم كافية، مع ترك مسألة تعديل الجرعات أو استبدال الأدوية لتقدير المختصين وحدهم لضمان السلامة والفاعلية معًا.
التعليقات