سلطت الدراما التلفزيونية مؤخرًا الضوء على معاناة إنسانية عميقة يعيشها مرضى الكلى، وذلك من خلال أحداث مسلسل “لا ترد ولا تستبدل” الذي أثار تفاعلاً واسعاً ونقاشات مجتمعية هامة. وقد برزت هذه المعاناة بوضوح عبر الأداء المؤثر للفنانة دينا الشربيني، التي نقلت للمشاهدين واقع سيدة شابة تجد نفسها محاصرة بين آلام المرض وضرورة الخضوع لجلسات الغسيل الكلوي المنهكة، في انتظار أمل يلوح في الأفق بالعثور على متبرع ينقذ حياتها.
انطلاقاً من خطورة هذا المرض الذي يهدد استقرار حياة الإنسان، يصبح الوعي بمسبباته الخطوة الأولى والأهم للوقاية منه وحماية هذا العضو الحيوي. وتشير المصادر الطبية المتخصصة إلى أن هناك “عدوين لدودين” للكلى يأتيان في مقدمة الأسباب المؤدية للتلف المزمن، وهما داء السكري وارتفاع ضغط الدم؛ فعدم السيطرة على مستويات السكر في الدم لفترات طويلة يعمل بمثابة السم الذي يتلف أنسجة الكلى والأعضاء الأخرى ببطء، وبالمثل، فإن تدفق الدم بقوة مفرطة داخل الأوعية الدموية نتيجة الضغط المرتفع يؤدي مع مرور الوقت إلى تدمير البنية الدقيقة للكلى وإعاقة عملها.
علاوة على ذلك، لا تقتصر المخاطر على الأمراض المزمنة الشائعة فحسب، بل تمتد لتشمل عوامل أخرى أقل شيوعاً ولكنها بالغة التأثير، مثل العوامل الوراثية التي قد تتسبب في ظهور تكيسات مائية تغزو نسيج الكلى وتعيق وظيفتها، بالإضافة إلى الاضطرابات المناعية كالذئبة الحمراء التي يهاجم فيها الجسم نفسه مسبباً التهابات وتلفاً في الأعضاء، فضلاً عن الأمراض التي تصيب وحدات الترشيح الدقيقة (الكبيبات) وتمنعها من تنقية السموم بكفاءة.
وفي حين أن الفشل الكلوي غالباً ما يتطور ببطء عبر سنوات، إلا أنه قد يباغت الإنسان ويحدث بشكل مفاجئ وحاد خلال ساعات أو أيام قليلة، مما يؤدي إلى توقف الكلى عن العمل فجأة، وهي حالة غالباً ما تكون مؤقتة وقابلة للعلاج إذا تم تدارك أسبابها بسرعة. وترتبط هذه الإصابة الحادة عادةً بممارسات خاطئة أو ظروف صحية طارئة، مثل التعرض لجفاف حاد يفقد الجسم سوائله الضرورية، أو وجود انسداد في مجرى البول يمنع التصريف الطبيعي، بجانب التأثيرات الجانبية لبعض العقاقير الطبية، أو إهمال علاج أمراض حيوية أخرى تؤثر على وظائف الجسم ككل مثل مشاكل القلب والكبد.
التعليقات