قد يلاحظ المرء عند استيقاظه تغيرًا في ملامحه متمثلًا في انتفاخ الوجه، وهو أمر قد يكون فسيولوجيًا بحتًا ناتجًا عن تجمع السوائل في الجسم أثناء ساعات الليل، ويرتبط أحيانًا بنمط النوم المضطرب سواء بالإفراط فيه أو عدم الحصول على قسط كافٍ منه. وإلى جانب هذه العوامل العابرة، يعد التورم أثرًا طبيعيًا ومتوقعًا عقب الخضوع للإجراءات الجراحية أو التعرض للكدمات والرضوض التي تؤثر على مناطق الرأس والفكين والرقبة.
تتعدد الخلفيات الطبية التي تؤدي لظهور هذه الوذمة، حيث يلعب الجهاز المناعي دورًا محوريًا من خلال ردود الفعل التحسسية تجاه مؤثرات خارجية كأصناف محددة من الطعام، أو لدغات الحشرات، أو حتى حبوب اللقاح الموسمية. كما تساهم بعض العقاقير الطبية في حدوث هذا العرض كأثر جانبي، لا سيما الأدوية الستيرويدية مثل البريدنيزون. ولا يمكن إغفال دور العدوى الميكروبية، إذ تظهر الانتفاخات كعرض مصاحب لالتهابات الجيوب الأنفية، أو التهابات العين والنسيج الخلوي، بالإضافة إلى الإصابات المباشرة كالكسور في عظام الأنف أو الفك.
في سياق متصل، قد يكون انتفاخ الوجه مرآة تعكس اضطرابات هرمونية داخلية أو أمراضًا مزمنة، مثل فرط نشاط الغدة الدرقية، أو متلازمة كوشينج التي تنشأ عن زيادة مستويات الكورتيزول في الدم، فضلًا عن أمراض المناعة الذاتية كالذئبة التي تؤثر على الجلد والمفاصل. كما تندرج الوذمة الوعائية ضمن هذه الأسباب، وتتميز بكونها تورمًا عميقًا غير مؤلم يصيب مناطق مثل الشفاه والجفون واللسان، وهناك حالات خاصة بفترة الحمل، مثل تسمم الحمل المرتبط بارتفاع ضغط الدم، والذي قد يظهر على هيئة تورم وجهي.
عندما يقتصر التورم على جانب واحد فقط من الوجه، فإن الأسباب غالبًا ما تكون ذات طابع موضعي، مثل وجود أكياس مملوءة بالسوائل أو أورام دهنية حميدة تحت الجلد. وتعتبر مشاكل الغدد اللعابية، كوجود حصوات أو التهابات فيها، بالإضافة إلى تضخم الغدد الليمفاوية في الرقبة، من المسببات الشائعة لهذا النوع من التورم غير المتماثل. كما أن مشاكل الأسنان، وتحديدًا الخراجات الناتجة عن العدوى البكتيرية، قد تؤدي إلى انتقال الالتهاب وانتفاخ الخد المحيط. وفي الختام، يجب التعامل بحذر شديد إذا تزامن تورم الوجه مع أعراض خطيرة مثل ضيق التنفس أو صعوبة البلع، إذ تُعد هذه العلامات مؤشرًا على حدوث صدمة تحسسية حادة (تأق) تستوجب التدخل الطبي الفوري لإنقاذ الحياة.
التعليقات