مع حلول ليالي الشتاء الباردة، يلجأ الكثيرون إلى تناول مشروب حمص الشام المعروف بـ “الحلبسة” للحصول على الدفء والطاقة، إلا أن الإفراط في تناوله قد يحمل في طياته مخاطر صحية غير متوقعة تتجاوز مجرد الاستمتاع بمذاقه. تشير التوصيات الطبية إلى ضرورة الانتباه لما يحدث داخل الجسم عند استهلاك كميات كبيرة منه، لا سيما فيما يتعلق بالجهاز الهضمي؛ حيث تحتوي حبوب الحمص، خاصة النيئة أو غير المطهية جيداً، على مركبات وسكريات معقدة يصعب على الأمعاء امتصاصها بشكل كامل، مما يؤدي إلى تخمرها بواسطة البكتيريا المعوية، وينتج عن ذلك شعور مزعج بالانتفاخ وتراكم الغازات. وبناءً على ذلك، يُنصح أصحاب الحالات الصحية المزمنة المرتبطة بالجهاز الهضمي، مثل مرضى كرون، والتهاب القولون التقرحي، ومتلازمة القولون العصبي، وكذلك من يعانون من ارتجاع المريء أو حساسية اللاكتوز وانسداد الأمعاء، بضرورة توخي الحذر الشديد أو تجنب هذا الطعام لتفادي تفاقم أعراضهم المرضية.
وعلاوة على الاضطرابات الهضمية المحتملة، قد يواجه البعض ردود فعل مناعية تحسسية تجاه عائلة البقوليات بأكملها، وتظهر هذه الحساسية في صور متعددة تتراوح بين الرغبة في القيء والغثيان، وآلام في البطن، وقد تمتد لتشمل طفحاً جلدياً وحكة، وهي حالات تستدعي استشارة طبية مسبقة لأنها قد تتطور لتصبح مهددة للحياة إذا كانت الاستجابة التحسسية شديدة. ومن زاوية أخرى تتعلق بالتداخلات الدوائية، يجب على مرضى القلب الانتباه جيداً؛ فالحمص، وتحديداً الأنواع المعلبة منه، يحتوي على تركيزات مرتفعة من عنصر البوتاسيوم، وهو ما قد يتعارض كيميائياً مع أدوية “حاصرات بيتا” الشائع استخدامها لعلاج أمراض القلب، حيث يؤدي الجمع بينهما إلى ارتفاع مستويات البوتاسيوم في الدم بشكل قد يشكل خطراً حقيقياً على استقرار الحالة الصحية.
لا تقتصر التأثيرات السلبية للإفراط في تناول الحمص على المعدة والقلب فحسب، بل تمتد لتشمل المفاصل والكلى ووظائف الجسم الحيوية؛ فهذا الطعام يحتوي على مادة كيميائية تُعرف بـ “البيورين”، والتي تتحول عند هضمها إلى حمض اليوريك، مما يؤدي تراكمه إلى ترسب بلورات في المفاصل مسببةً الإصابة بمرض النقرس وما يصاحبه من التهابات مؤلمة. وبالتوازي مع ذلك، يشكل محتوى الحمص من الأوكسالات تحدياً آخر للكلى، حيث تتحد هذه المادة مع الكالسيوم لتُكون حصوات كلوية صلبة، ويزداد احتمال تكون هذه الحصوات مع ارتفاع معدلات حمض اليوريك في الدم، مما يجعل الاعتدال في تناول هذا الطبق الشتوي ضرورة صحية قصوى لتجنب هذه المضاعفات المتشابكة.
التعليقات