في حديثه حول آليات عمل الساعة البيولوجية في الجسم، سلط أستاذ العقاقير الدكتور جابر القحطاني الضوء على الغدة الصنوبرية، وهي غدة دقيقة تقع في عمق الدماغ ولا يتجاوز حجمها حبة الترمس، موضحاً أنها المصدر الرئيسي لإفراز هرمون “الميلاتونين”. هذا الهرمون لا يقتصر وجوده على البشر فحسب، بل يتواجد في كافة الخلايا الحية، ويعمل كمحرك أساسي للإيقاع الحيوي؛ حيث يرتبط إفرازه عند الإنسان بغياب الضوء، فبمجرد حلول الظلام تبدأ العين بإرسال إشارات تحفز إطلاق الهرمون، مما يفسر الرغبة الطبيعية في النوم ليلاً.

ويمتد تأثير الميلاتونين ليشمل وظائف حيوية متعددة؛ ففي عالم الحيوان، يضبط هذا الهرمون مواسم التكاثر وعمليات تغيير الجلد الدورية. أما بالنسبة للإنسان، فقد أثبتت الأبحاث العلمية دوره الفعال في جلب النعاس والتخفيف من حدة التوترات النفسية والذهنية. وقد لوحظ وجود علاقة طردية بين نقص هذا الهرمون ومشاكل النوم، حيث يعاني المصابون بالأرق وكبار السن عادةً من مستويات متدنية منه في الدم، مما يجعل استخدامه علاجاً فعالاً لمساعدة هؤلاء، وخاصة المسنين، على الدخول في سبات عميق وتجاوز اضطرابات النوم المتقطع.

وفيما يخص مصادره، يتوفر الميلاتونين طبيعياً بنسب ضئيلة في بعض المحاصيل الزراعية مثل الذرة والأرز والقمح والشعير، كما يمكن الحصول عليه خارجياً عبر المكملات الغذائية التي تباع في الصيدليات ومتاجر الأغذية الصحية بأشكال صيدلانية متنوعة كالكبسولات والأقراص والأشربة، بجرعات محددة تبدأ عادة من مليمتر واحد.

واختتم القحطاني نصائحه بتحذير شديد اللهجة من تناول هذه المكملات بشكل عشوائي، مشدداً على ضرورة أن يكون ذلك تحت إشراف طبي دقيق. ويشمل هذا التحذير بشكل خاص فئات محددة مثل الأطفال، والنساء في فترتي الحمل والرضاعة، والأشخاص الذين يعانون من خلل هرموني أو يتلقون علاجات ستيرويدية. كما نبه إلى خطورة استخدامه لمن لديهم تحسس مفرط، أو يعانون من أمراض مناعية خطيرة كسرطانات الدم والغدد الليمفاوية، إضافة إلى مرضى الاكتئاب ومن يتناولون أدوية مضادة له، تجنباً لأي تداخلات صحية غير محمودة.