يمثل ضعف عضلة القلب تحديًا صحيًا عالميًا متزايدًا، حيث تشير الإحصاءات الدولية إلى تأثر عشرات الملايين به، مع تصاعد احتمالات الإصابة كلما تقدم الإنسان في العمر. وتكمن خطورة هذه الحالة في طبيعتها المخادعة، إذ غالبًا ما تتسلل أعراضها ببطء وهدوء، مما يجعل عملية التشخيص المبكر أمرًا يتطلب يقظة شديدة، وهو ما أكده خبراء القلب، ومنهم الدكتور براديب هاراناهالي، استشاري الطب التدخلي بمستشفى مانيبال، الذي شدد على ضرورة الانتباه للعلامات الدقيقة التي يسهل تفويتها.
وفي سياق تصنيف المرض، يُقسم الأطباء القصور القلبي إلى فئات تعتمد على كفاءة ضخ الدم أو ما يُعرف بالكسر القذفي، وسواء كان منخفضًا أو محفوظًا، فإن الشكاوى التي يشعر بها المرضى تظل متشابهة إلى حد كبير، وهنا يبرز الدور الحيوي للملاحظة المبكرة في تحجيم المرض وتفادي مضاعفاته. ومن أولى الإشارات التي يغفل عنها الكثيرون هو التراجع الملحوظ في طاقة الجسم والقدرة على أداء المجهود البدني المعتاد. وللأسف، يميل الغالبية إلى تبرير هذا الوهن بأنه مجرد ضريبة طبيعية للشيخوخة، بينما هو في الحقيقة قد يكون نذيرًا باعتلال القلب. وتزداد صعوبة رصد هذا العرض لدى كبار السن المصابين بمشاكل في العظام أو المفاصل، حيث يحد الألم من حركتهم أصلاً، مما يحجب عنهم وعن أطبائهم حقيقة تراجع لياقتهم القلبية حتى مراحل متأخرة.
وبالتزامن مع قلة النشاط، قد يرصد المريض زيادة غير مبررة في وزنه، وهي زيادة ناجمة عن احتباس السوائل داخل الجسم لا عن تراكم الدهون. هذا الاحتقان المائي لا يقف عند حد زيادة الوزن، بل يمتد تأثيره ليطال الجهاز الهضمي، فيشعر المصاب بامتلاء سريع للمعدة وعزوف عن الطعام نتيجة الضغط الداخلي. كما تظهر علامات أخرى ملموسة مثل انتفاخ الأطراف السفلية والكاحلين، الذي يبدأ كملاحظة عابرة في المساء ويتلاشى صباحًا، لكنه يتحول بمرور الوقت إلى عرض دائم طوال اليوم.
ومع تفاقم الحالة، قد تتسرب السوائل لتملأ الرئتين، مسببة مشكلات تنفسية واضحة، مثل السعال المستمر أو ضيق النفس، خاصة عند الاستلقاء، مما يضطر المريض لرفع رأسه بوسائد متعددة لينعم بالنوم، أو قد يجد الراحة في وضعية الجلوس. وفي درجات أكثر حدة، قد يعاني الشخص من نوبات ليلية مفزعة توقظه باحثًا عن الهواء، وهو دليل قوي على وجود احتقان رئوي يستدعي التدخل.
لا تتوقف الإشارات التحذيرية عند هذا الحد، بل قد تمتد لتشمل تفاصيل يومية بسيطة مثل الشعور بضيق الأحذية فجأة، أو انتفاخ البطن وتورم الوجه أثناء الحركة. كما يلعب التغير الهرموني الناتج عن إجهاد القلب دورًا في زيادة الحاجة للتبول ليلاً. ويمكن للفحوصات الدورية، كصور الأشعة والتحاليل المخبرية، كشف تضخم عضلة القلب وتأكيد التشخيص، لذا فإن الوعي بهذه التفاصيل الصغيرة وعدم تجاهلها يظل حجر الزاوية في سرعة العلاج وضمان جودة حياة أفضل للمريض.
التعليقات