يُصنّف داء السكري كواحد من أبرز التحديات الصحية المزمنة في عصرنا، وغالباً ما يتسلل إلى حياة الإنسان في صمتٍ مُطبق دون أن يقرع أجراس الإنذار في مراحله الأولى، مما يجعله خطراً كامناً يستوجب اليقظة وسرعة التحرك لتفادي أضراره الجسيمة مستقبلاً؛ ومع ذلك، قد يُصدر الجسم استغاثات تدل على اختلال توازن الجلوكوز في الدم، حيث يلاحظ الشخص رغبة ملحة وغير معتادة في شرب الماء، مصحوبة بزيارات متكررة لدورة المياه لا سيما أثناء ساعات النوم، بالإضافة إلى نوبات جوع لا تهدأ وتناقص مفاجئ في الوزن رغم عدم تغيير النظام الغذائي، ناهيك عن الإحساس بالوهن العام وتغيم الرؤية.

ولا تتوقف الإشارات الجسدية عند هذا الحد، بل تمتد لتشمل تغيرات قد تظهر على البشرة والأعصاب؛ إذ يعاني البعض من جفاف في الجلد ورغبة مستمرة في الحكة، أو تكرار الإصابة بالعدوى والالتهابات الفطرية، فضلاً عن ملاحظة أن الجروح والخدوش البسيطة تستغرق وقتاً طويلاً للشفاء بشكل غير طبيعي، وقد يصاحب ذلك شعور مزعج بالخدر أو “التنميل” يسري في الأطراف كاليدين والقدمين، ومن الجدير بالذكر أن مكر هذا المرض، وتحديداً النوع الثاني منه، يكمن في احتمالية غياب هذه العلامات تماماً لدى شريحة واسعة من المصابين، حيث يتم اكتشاف الإصابة بمحض الصدفة عند إجراء فحوصات طبية روتينية لأغراض أخرى، وهو ما يرفع من احتمالية تفاقم الحالة الصحية قبل بدء العلاج الفعلي.

وأمام هذه المعطيات، يُجمع الخبراء على ضرورة التوجه الفوري للمختبرات الطبية عند استشعار استمرار أي من هذه التغيرات، أو للأشخاص الذين لديهم سجل عائلي وراثي مع المرض، وذلك للقيام بالفحوصات الدقيقة اللازمة مثل تحليل السكر التراكمي أو الصائم لقطع الشك باليقين، كما يؤكد المختصون أن حجر الزاوية في التعامل مع هذا الوضع الصحي يرتكز على تبني عادات يومية سليمة، قوامها التغذية المتوازنة والحركة البدنية الدائمة، مع الالتزام بالمراجعة الطبية المستمرة لحماية أعضاء الجسم الحيوية كالقلب والكلى والأعصاب من أي تدهور محتمل.