مع حلول موسم البرد القارس، يواجه القلب تحديات إضافية للحفاظ على كفاءته، حيث تشير التقديرات الطبية – ومنها آراء الدكتور جمال شعبان – إلى وجود علاقة طردية بين انخفاض حرارة الجو وزيادة احتمالية التعرض للأزمات الوعائية وانسداد الشرايين. ويرجع ذلك فسيولوجيًا إلى استجابة الجسم التلقائية للبرودة عبر تضييق الأوعية الدموية للحفاظ على الحرارة الداخلية، مما يؤدي بدوره إلى ارتفاع ضغط الدم وزيادة لزوجته، وهي عوامل تهيئ بيئة خصبة لتكون الجلطات، لا سيما لدى كبار السن أو من لديهم تاريخ مرضي، وما يزيد الأمر تعقيدًا هو قلة النشاط البدني والميل الشائع لتناول الأطعمة الثقيلة خلال أشهر الشتاء.

ولمواجهة هذه المخاطر، يمكن تحويل المائدة اليومية إلى خط دفاع أول يحمي القلب، وذلك بالاعتماد على خيارات غذائية ذكية ومدروسة. يأتي في مقدمة هذه الخيارات الأسماك الزيتية كالسلمون والماكريل والتونة، فهي ليست مجرد وجبة شهية، بل مخزن طبيعي لأحماض “أوميغا-3” التي تعمل بفاعلية على خفض مستويات الدهون الثلاثية ومنع تكتل الصفائح الدموية، مما يقلل فرص حدوث الالتهابات الوعائية، لذا يُحبذ جعلها طقسًا غذائيًا مرتين أسبوعيًا. وبالتوازي مع ذلك، يلعب زيت الزيتون البكر دورًا محوريًا في تعزيز سريان الدم بفضل ما يحتويه من مضادات أكسدة قوية، مما يجعله بديلاً صحيًا للدهون الضارة عند استخدامه بانتظام.

وفي سياق متصل، تُعد خيرات الطبيعة من الخضراوات الورقية والفاكهة حلفاء أقوياء لصحة الشرايين؛ فالسبانخ والبروكلي والجرجير تمد الجسم بفيتامينات ضرورية تمنع ترسب الدهون، وتزيد من مرونة الأوعية الدموية. بينما تعمل الفواكه الغنية بمضادات الأكسدة، وتحديدًا الرمان والحمضيات والتوت، على محاربة الإجهاد التأكسدي وتوسيع مسارات الدم. ولا يمكن إغفال دور الحبوب الكاملة، وعلى رأسها الشوفان، في امتصاص الكوليسترول الضار وطرده من الجسم، مما يجعله خيارًا مثاليًا للإفطار يمنح الدفء والطاقة ويحمي القلب في آن واحد.

كما أن للمطيبات الطبيعية والمشروبات الدافئة مفعولًا علاجيًا وقائيًا؛ فالثوم والبصل يحتويان على مركبات كيميائية طبيعية تعمل على تمييع الدم وتسهيل تدفقه إلى الأطراف، فضلاً عن دورهما في خفض الضغط. في حين يُعتبر شرب منقوع الزنجبيل أو الكركم وسيلة فعالة لتنشيط الدورة الدموية وتقليل الالتهابات الداخلية بفضل مادة الكركمين. وتكتمل منظومة الوقاية بدمج هذه التغذية السليمة مع نمط حياة نشط يكسر حالة الخمول الشتوي، والحرص الدائم على شرب كميات وافرة من الماء للحفاظ على سيولة الدم، مع ضرورة الابتعاد عن التوتر والنوم الجيد ومراقبة الضغط لضمان عبور فصل الشتاء بقلب سليم وصحة وافرة.