يمثل الحفاظ على سلامة القلب وتجنيبه المخاطر الصحية أولوية قصوى تتطلب وعياً عميقاً بطبيعة الخيارات الغذائية اليومية، إذ تشير المعطيات الطبية إلى أن النظام الغذائي يلعب دوراً محورياً في تعزيز صحة الشرايين أو الإضرار بها. وبدلاً من التركيز على تجنب صنف واحد فقط، ينصح الخبراء بتبني نظرة شاملة للتغذية، حيث يؤدي الإفراط التراكمي في استهلاك الأملاح، والسكريات، والدهون المشبعة، والكربوهيدرات المكررة إلى رفع احتمالات الإصابة بالأزمات القلبية والسكتات الدماغية، بينما يوفر الاعتماد على الحبوب الكاملة، والخضروات، والفواكه، والبروتينات الخالية من الدهون درعاً واقياً للجسم.

وفيما يخص مصادر البروتين الحيواني، تشكل اللحوم المعالجة والمقددة، مثل النقانق والبسطرمة واللانشون، تهديداً مزدوجاً للقلب؛ فهي ليست غنية بالدهون المشبعة التي ترفع الكوليسترول الضار فحسب، بل تكتظ أيضاً بمستويات عالية من الملح والمواد الحافظة التي ترهق عضلة القلب وترفع ضغط الدم. وينطبق الأمر بدرجة أقل حدة ولكنها مؤثرة على اللحوم الحمراء كلحم البقر والضأن، حيث يرتبط استهلاكها المفرط بزيادة الدهون المشبعة وتفاعل بكتيريا الأمعاء مع مواد معينة فيها، مما يستدعي التقليل منها واستبدالها بقطع اللحم الهبر الخالية من الدهن أو الدواجن الطازجة، مع الحرص على تجنب طرق الطهي غير الصحية مثل القلي العميق الذي يحول صدور الدجاج المفيدة إلى وجبة مشبعة بالسعرات والدهون، ويفضل استبدال ذلك بالشوي أو الخبز في الفرن باستخدام دقيق القمح الكامل.

وعلى صعيد النشويات والسكريات، تعد المشروبات الغازية من أبرز أعداء الصحة، حيث تضخ كميات هائلة من السكر في الجسم تفوق الحدود المسموح بها، مما يمهد الطريق للسمنة والسكري من النوع الثاني، وهما بوابتان رئيسيتان لأمراض القلب. ولا يقتصر الخطر على السكر الصريح، بل يمتد ليشمل المنتجات المصنوعة من الدقيق الأبيض كالمخبوزات، والمكرونة، والأرز الأبيض، والخبز، فهذه الأطعمة تفتقر للألياف وتتحول سريعاً داخل الجسم إلى سكريات يتم تخزينها كدهون، خاصة في منطقة البطن. لذا، يُعد استبدالها بمنتجات الحبوب الكاملة كالشوفان والأرز البني خياراً أكثر حكمة. كما يجب الحذر من الأطعمة التي قد تبدو صحية ظاهرياً ولكنها مخادعة، مثل الزبادي المنكه المليء بالسكر المضاف، حيث يُفضل استبداله بالزبادي الطبيعي قليل الدسم مع إضافة الفاكهة الطازجة للنكهة.

ومن الضروري أيضاً الانتباه إلى “الأملاح والدهون الخفية” في الأطعمة الجاهزة؛ فالحساء المعلب، والبيتزا الجاهزة، وصلصات السلطة الدسمة مثل “الرانش”، تحتوي غالباً على معدلات صوديوم ودهون تفوق التوقعات، مما يضغط على الأوعية الدموية. ولتجاوز هذه المشكلة، يُنصح بإعداد هذه الأطباق منزلياً للتحكم في المكونات، كاستخدام عجينة رقيقة من القمح الكامل للبيتزا، وتحضير الصلصات باستخدام الزبادي أو اللبن الرائب قليل الدسم مع الأعشاب. وينسحب هذا الحذر على الوجبات الخفيفة والحلويات، مثل رقائق البطاطس المقلية والآيس كريم، الغنية بالسعرات والدهون المشبعة، حيث يمكن استبدالها بالفشار المعد منزلياً بزيت صحي، أو تناول مثلجات الفاكهة الطبيعية. وأخيراً، يجدر التنويه بأن استبدال الزبدة بالزيوت النباتية المفيدة كزيت الزيتون، والاعتدال الشديد أو الامتناع عن تناول الكحول، يساهمان بشكل فعال في ضبط مستويات ضغط الدم والدهون الثلاثية، مما يضمن بيئة داخلية أكثر أماناً لعمل القلب.