تتسم الاضطرابات المناعية بطبيعتها المعقدة التي تجعل من اكتشافها في المراحل المبكرة أمراً يشوبه الغموض والتحدي، مما يستدعي ضرورة التوجه المباشر إلى المختصين فور رصد أي تغيرات جسدية غير مألوفة أو مؤشرات صحية مستمرة لا يوجد لها تفسير واضح. ولا تقتصر تأثيرات هذا الخلل الوظيفي على منطقة محددة، بل قد تمتد لتشمل كافة أنحاء الجسم من الرأس حتى أخمص القدمين، مانحة إشارات متنوعة تختلف باختلاف العضو المصاب.

فعلى سبيل المثال، قد يعاني المصاب من وهن عام في العضلات إذا كان المرض يستهدف الأنسجة العضلية، أو يواجه متاعب في المفاصل تتراوح بين التيبس، والانتفاخ، والأوجاع الحادة كما يحدث غالباً في حالات الروماتويد. وتمتد قائمة التأثيرات لتشمل اضطرابات في العمليات الحيوية، كارتفاع مستويات الجلوكوز في الدم لدى مرضى السكري من النوع الأول، بل وقد تصل التبعات لتؤثر سلباً على كفاءة حاسة البصر.

وغالباً ما تكون الالتهابات هي القاسم المشترك والسمة البارزة في هذه الحالات، حيث تترجم لغة الجسد هذه الالتهابات على هيئة ارتفاع موضعي في الحرارة، أو احمرار وتغير ملحوظ في لون البشرة، مصحوباً بانتفاخ وشعور بالألم. ومن الخصائص الجوهرية لهذه الأمراض عدم ثبات حدتها؛ إذ تمر فترات تهدأ فيها الأعراض وأخرى تشتد فيها وتتكرر، وتعرف هذه المراحل بـ “الهجمات” أو النوبات الحادة التي تظهر وتختفي بشكل دوري.

وهنا تكمن أهمية المراقبة الذاتية الدقيقة، إذ يتحتم على المريض إطلاع الطبيب المعالج على أي أنماط متكررة للألم، وملاحظة ما إذا كانت هناك عوامل خارجية تزيد من سوء الحالة أو تساهم في تحسنها، مثل نوعية الغذاء المتناول، أو المجهود البدني المبذول، أو حتى توقيت ظهور الأعراض خلال ساعات اليوم. وفي النهاية، يبقى إحساس الشخص بجسده هو المقياس الأصدق، فلا أحد يدرك طبيعة جسمك وما هو معتاد له أكثر منك؛ لذا، إذا شعرت بأعراض مبهمة أو أحسست بتغيير جذري في حالتك العامة وشعرت أنك “لست على ما يرام” دون سبب واضح، فلا تتردد في طلب المشورة الطبية، فالثقة بحدسك واستجابتك لرسائل جسدك هي الخطوة الأولى نحو التشخيص والعلاج.