بعيداً عن أضواء الشهرة ومنصات العروض العالمية، عاشت عارضة الأزياء الشهيرة أنوك ياي، البالغة من العمر ثمانية وعشرين عاماً، فصلاً مؤلماً من حياتها ظل طي الكتمان لأكثر من سنة. فبعد فترة طويلة من الصمت والمعاناة الخفية، خرجت ياي مؤخراً لتشارك جمهورها تفاصيل خضوعها لعملية جراحية حرجة في الرئتين بأحد المستشفيات المرموقة في نيويورك، واضعة حداً للتكهنات ومسلطة الضوء على الجانب الإنساني الهش خلف صورتها المثالية.

لم تكن الطريق نحو التشخيص سهلة، إذ كشفت النجمة التي تألقت سابقاً في عروض كبرى الدور العالمية أن جذور المشكلة تعود لعيوب خلقية في الرئة بدأت تضغط ببطء وثقل متزايد على عضلة القلب. ما بدأ كإشارات عابرة وسعال مستمر، تحول تدريجياً إلى كابوس صحي تمثل في آلام حادة بالصدر وصعوبة في التنفس، وصولاً إلى خروج دم مع السعال، وهي علامات حاولت تجاهلها في البداية تحت وطأة التزاماتها المهنية، ظناً منها أن جسدها قادر على المقاومة والتكيف دون تدخل طبي عاجل.

لكن الجسد له لغته الخاصة التي لا تقبل المساومة، حيث أدركت ياي في النهاية أن البحث عن “التوقيت المثالي” للعلاج وسط جدول أعمالها المزدحم هو مجرد وهم قد يكلفها حياتها. وقد تكللت رحلة البحث عن الشفاء بالنجاح داخل أروقة مركز طبي متخصص، حيث خضعت لتدخل جراحي دقيق اعتمد على التقنيات الروبوتية المتطورة، وهي طريقة حديثة تسمح بإجراء العمليات المعقدة عبر فتحات دقيقة للغاية، مما يساهم في تسريع وتيرة التعافي وتقليل المخاطر والمضاعفات المحتملة مقارنة بالجراحات التقليدية.

وعبر حسابها الرسمي، وثقت ياي لحظات ما بعد الجراحة بصدق مؤثر، حيث ظهرت محاطة بالأجهزة الطبية وأنابيب الأكسجين، تستمد قوتها من القراءة ودعم الفريق المعالج. وقد غلبت لغة الامتنان على كلماتها، معربة عن شكرها العميق للأطباء الذين وصفتهم بأنهم منحوها “فرصة جديدة ووقتًا إضافياً” لتعيشه، مؤكدة أنها، رغم ما تمر به من إرهاق حالي ومرحلة نقاهة، تشعر بتحسن ملموس وتستعد للعودة بشكل أقوى مما كانت عليه.

وفي سياق متصل بالأبعاد الطبية لهذه الحالة، يشير متخصصون في طب القلب والأوعية الدموية إلى خطورة التشوهات الخلقية الكامنة في الجهاز التنفسي، موضحين أن هذه الحالات قد تتطور بصمت لتؤثر سلباً على وظائف القلب الحيوية إذا لم يتم تداركها مبكراً. وتؤكد الدراسات الطبية أن غياب الأعراض الصارخة في المراحل الأولى لا يعني غياب الخطر، مما يستدعي انتباهاً شديداً لأي تغيرات طارئة أو غير مألوفة على الصحة العامة، حتى وإن بدت بسيطة.

لم تمر هذه التجربة القاسية دون أن تترك أثراً في محيط ياي ومتابعيها، حيث انهالت عليها رسائل الدعم والمؤازرة من زملائها في صناعة الموضة ومحبيها حول العالم، الذين رأوا في شجاعتها ومصارحتها إلهاماً للغير. وقد استغلت العارضة هذه المحنة لتوجيه رسالة توعوية شديدة اللهجة، ناصحة الجميع بعدم تقديم العمل أو المواعيد على السلامة الجسدية، وضرورة عدم الاستهانة بالألم، لأن الاكتشاف المبكر والاستجابة الفورية لنداء الجسد قد يكونان الفاصل بين الحياة والموت في مواجهة الأمراض الصامتة.