شهد عام 2025 لحظات فارقة ومؤثرة داخل القلعة الحمراء، حيث ودعت الجماهير نخبة من نجوم الفريق الذين سطروا أسماءهم بحروف من ذهب في تاريخ النادي. تحولت منصات التواصل الاجتماعي إلى ساحات للوفاء، تبادل فيها المغادرون رسائل الحب والامتنان مع الأنصار، مؤكدين جميعاً على مبدأ واحد؛ أن الرحيل الجسدي لا يعني نهاية الانتماء، وأن العشق للقميص الأحمر سيظل خالداً في القلوب مهما بعدت المسافات.

وفي مقدمة هؤلاء، جاء وداع النجم التونسي علي معلول الذي أسدل الستار على مسيرة أسطورية، واصفاً علاقته بالنادي وجماهيره بأنها تجاوزت حدود الاحتراف لتصبح عهداً وثيقاً مع “أمة” كاملة. عبر معلول عن مشاعره الجياشة في رسالة مؤثرة، مؤكداً أن الجماهير كانت له وطناً وسنداً في الأوقات الصعبة، وأنه يغادر المستطيل الأخضر بصفته لاعباً لكن روحه ستظل تهيم في مدرجات “التتش”. لم يكن معلول مجرد محترف عابر، بل عاش تفاصيل النادي كأحد أبنائه المخلصين، صانعاً للفرحة وشاهداً على عصر ذهبي مليء بالبطولات والأرقام القياسية، ليترك خلفه إرثاً لا يُقاس فقط بالألقاب، بل بمحبة صادقة لا تُشترى، مودعاً الجميع بكلمات تختلط فيها دموع الفراق بوعود البقاء على العهد مشجعاً ومحباً.

وعلى نفس الدرب، سار المدافعان رامي ربيعة وأكرم توفيق، اللذان أعلنا نهاية رحلتهما الطويلة التي امتدت لأكثر من ثلاثة عشر عاماً داخل جدران النادي. أكد ربيعة في كلماته الوداعية أن سنة الحياة في كرة القدم تقتضي التغيير، معرباً عن فخره بكل قطرة عرق بذلها في سبيل حصد الألقاب المحلية والقارية المتنوعة، ومتمنياً التوفيق لزملائه في المحافل العالمية القادمة. ومن جانبه، جدد أكرم توفيق عهد الوفاء، مشيراً إلى أنه لم يدخر جهداً لرفع راية الفريق فوق منصات التتويج، ومقدماً الشكر العميق لكل من سانده من إدارة وأجهزة فنية وعاملين، ليتحول الآن من مقاتل في الملعب إلى داعم في الصفوف الأولى للمشجعين، حاملاً ذكريات المجد والفخر بانتمائه لهذا الصرح الكبير.

ولم تقتصر مراسم الوداع على اللاعبين فحسب، بل شملت الجهاز الفني برحيل مدرب الحراس ميشيل يانكون، الذي عاش ست سنوات اعتبرها رحلة حياة وليست مجرد محطة مهنية. عبر يانكون عن تعلقه الشديد بمصر وشعبها، واصفاً إياهم بأهله، ومؤكداً أن البطولات التسع عشرة التي حققها ليست أغلى من الرابط الإنساني العميق الذي جمعه بحراس المرمى وجماهير النادي التي يعتبرها الروح الحقيقية للفريق، ليغادر منصبه وهو يحمل في قلبه هوية مصرية وانتماءً أبدياً للكيان الذي منحه ذكريات لا تُنسى.

واختتمت هذه السيمفونية الوداعية بكلمات “المايسترو” عمرو السولية، الذي أعلن ترجله عن صهوة جواده بعد تسع سنوات ونصف من العطاء المتواصل. استعرض السولية شريط ذكرياته الحافل بمئات المباريات وعشرات الأهداف والبطولات، موجهاً تحية خاصة ومؤثرة لعمال غرف الملابس وجنود الظل الذين شاركوه اللحظات الحلوة والمرة بصدق وأخوة. وعبر عن اعتزازه بهتافات الجماهير باسمه التي كانت وقوداً له في الملعب، مؤكداً أنه أدى الأمانة كاملة ولم يبخل بشيء، ليغلق صفحة اللاعب رقم 17، فاتحاً صفحة جديدة من العشق الأبدي للكيان الذي قضى بين جدرانه أجمل سنوات العمر.