على الرغم من سيل التحذيرات المتدفق حول المخاطر الصحية للأطعمة سريعة التحضير، لا يزال الإقبال عليها كبيرًا من قبل الأطفال، مما يعرضهم لمخاطر جسيمة قد تصل في بعض الأحيان إلى نهايات مأساوية. وقد تجسد هذا الخطر في واقعة مؤلمة شهدتها محافظة سوهاج، حيث فارقت الطفلة “آية” الحياة بعد وصولها إلى المستشفى في وضع صحي متدهور؛ إذ كشفت الفحوصات الطبية تعرضها لتسمم حاد عقب تناولها وجبة منزلية تضمنت الشعيرية سريعة التحضير، وهي حادثة ليست الأولى من نوعها، بل حلقة في سلسلة من الوقائع التي تثير التساؤلات حول مدى سمية هذه المنتجات وقدرتها على إنهاء الحياة.
وتشير التقارير الطبية إلى أن الخطر لا يكمن فقط في المكونات، بل قد ينشأ من سوء تخزين هذه المنتجات وتعريضها لأشعة الشمس، مما يحفز تفاعلات كيميائية قد تنتج مواد سامة كالزئبق. وإلى جانب ذلك، تمثل هذه الوجبات قنبلة موقوتة لمرضى الضغط والكلى نظرًا لاحتوائها على مستويات مرتفعة للغاية من الصوديوم، مما يرهق أجهزة الجسم الحيوية. كما أن افتقارها للقيمة الغذائية واحتوائها على دهون مشبعة ونشويات مكررة يجعلها سببًا رئيسيًا للسمنة وأمراض القلب وتلف الأنسجة العصبية، ناهيك عن تأثير المواد الحافظة مثل “ثلاثي بوتيل هيدروكينون” التي قد تضر بالحمض النووي وتضعف الرؤية.
وفي سياق متصل، يوضح الخبراء أن الضرر الأكبر غالبًا ما يتركز في أكياس التوابل والزيوت الملحقة بالعبوة وليس في العجين المجفف بحد ذاته؛ فهذه الإضافات تحتوي على معززات نكهة صناعية مثل “جلوتامات أحادي الصوديوم”، التي يرتبط الإفراط فيها بالتهابات الحلق واضطرابات الجهاز الهضمي العنيفة، بما في ذلك القرح والتهابات القولون. وقد حذرت الأبحاث مرارًا من المخاطر التراكمية لهذه المركبات الكيميائية والملونات الصناعية التي تدخل الجسم بكميات غير محسوبة.
وقد دفع تكرار هذه الحوادث، ومنها وفاة الطفل “حمزة” في وقت سابق، الجهات الرسمية ممثلة في وزارة الصحة المصرية إلى حسم الجدل وإصدار بيانات تحذيرية شديدة اللهجة. فقد نصحت الوزارة بضرورة ابتعاد فئات معينة تمامًا عن هذه المنتجات، وعلى رأسهم الأطفال والنساء الحوامل وأصحاب الأمراض المزمنة، مشددة على أن تناول هذه الشعيرية يجب أن يكون في أضيق الحدود كوجبة نادرة جدًا، وليس كجزء من النظام الغذائي اليومي، حفاظًا على السلامة العامة وتجنبًا لأي تداعيات صحية خطيرة.
التعليقات