يُعد العجز عن التخلي عن الممتلكات سمة مركزية لاضطراب نفسي عميق، حيث يرتبط الشخص عاطفيًا بكل ما يقع تحت يده، بغض النظر عن فائدته الفعلية أو حالته المادية، حتى وإن كانت تلك الأشياء متهالكة تماماً. ويرى المتخصصون في الصحة النفسية أن هذا السلوك لا يمت بصلة لصفات شخصية مثل الشح أو مجرد الفوضى والكسل، بل هو حالة مرضية قائمة بذاتها تستدعي تقييماً دقيقاً وتدخلاً علاجياً متخصصاً، نظراً لعمق جذورها النفسية.

تتجلى ملامح هذه المعاناة بوضوح في تحول مسكن الشخص تدريجياً إلى ما يشبه المستودع الذي يغص بأشياء متنوعة ومتراكمة، بدءاً من المطبوعات القديمة والملابس البالية، وصولاً إلى العبوات الفارغة والأغراض التي فقدت وظيفتها تماماً. وحينما يواجه المصاب أو المحيطون به فكرة الاستغناء عن أي قطعة وتنظيف المكان، تجتاحه مشاعر عارمة من الضيق والتوتر، وربما يصل الأمر إلى نوبات من الغضب، متمسكاً بمبررات واهية حول احتمالية احتياجه لتلك الأغراض في وقت لاحق غير معلوم.

ومن المثير للاهتمام أن الكثير من هؤلاء الأشخاص يدركون في قرارة أنفسهم وجود خلل ما، ويشعرون بوطأة الفوضى المحيطة بهم وانزعاج شديد منها، إلا أنهم يقفون عاجزين تماماً أمام سطوة هذا الدافع القهري الذي يمنعهم من التصرف. وبمرور الوقت، يمتد أثر هذه المشكلة ليهدد استقرار المحيط العائلي ويقلص من فرص التواصل الاجتماعي والعلاقات الإنسانية، فضلاً عن تسبب التكدس العشوائي في تدهور البيئة الصحية ومستويات النظافة داخل المنزل.

وفي سياق التشخيص الطبي، غالباً ما يتزامن هذا السلوك مع تحديات نفسية أخرى، حيث يُلاحظ ارتباطه الوثيق بحالات الاكتئاب أو القلق المزمن. ويعتمد مسار التعافي بشكل أساسي على برامج العلاج السلوكي المعرفي التي تهدف إلى تعديل نمط التفكير، مع إمكانية الاستعانة ببعض العقاقير الطبية التي يصفها الأطباء لتهدئة حدة التوتر والمساعدة في كبح جماح هذا السلوك. ويجمع الخبراء والباحثون على أن المبادرة بطلب المساعدة ورفع الوعي حول هذا الاضطراب في مراحله الأولى تشكل عاملاً حاسماً في تسريع وتيرة الشفاء، واستعادة الشخص لجودة حياته الطبيعية وحماية أسرته من التبعات السلبية المستمرة.