يواجه عدد ليس بالقليل من الناس تلك الحالة المزعجة التي تتمثل في تمدد البطن والشعور بالامتلاء المفرط عقب تناول الطعام، وهي ظاهرة لا ترتبط بالضرورة بالإفراط في الأكل، بل قد تحدث حتى مع الوجبات الصغيرة. وتشير التقديرات إلى أن نسبة معتبرة من البشر تختبر هذه الأعراض بشكل دوري، وغالبًا ما يكمن السبب خلف أنماط التغذية غير المتوازنة واختيارات الطعام التي لا تتلائم مع طبيعة الجهاز الهضمي للفرد، وليس بالضرورة نتيجة أمراض عضوية خطيرة.

عند البحث عن المسببات، نجد أن بعض المكونات الغذائية قد تكون هي العدو الخفي، حيث تتحول مواد مثل الجلوتين الموجود في القمح أو اللاكتوز في منتجات الألبان إلى مصادر للتخمر وإنتاج الغازات داخل الأمعاء، وهنا يكون الحل الأمثل هو تجربة نظام الاستبعاد الغذائي لتحديد العنصر المثير للحساسية. كذلك، ورغم الفوائد المعروفة للألياف، إلا أن الإفراط في تناول أصناف معينة كالبقوليات والخضروات الصليبية كالقرنبيط قد يؤدي لنتائج عكسية، لذا يُفضل إدخالها للنظام الغذائي بروية أو استبدالها ببدائل ألطف على المعدة مثل الكوسة والورقيات المطهية كالسبانخ. ولا يتوقف الأمر عند الأطعمة الطبيعية، بل تمتد القائمة لتشمل المحليات الصناعية الشائعة في منتجات “الدايت”، إذ تمر بعض أنواعها عبر الجهاز الهضمي دون تفكك كامل، مما يوفر بيئة خصبة لنشاط البكتيريا وتكون الغازات، ويمكن استبدالها بخيارات طبيعية أكثر أمانًا مثل الستيفيا.

من ناحية أخرى، تلعب الدهون الدسمة دورًا في إبطاء وتيرة الهضم، مما يؤخر تفريغ المعدة ويفاقم الإحساس بالثقل، وهو ما يستدعي تقليص حصص الأطعمة المقلية والمكسرات بدلاً من الحرمان التام منها. كما تؤثر الطريقة التي نتناول بها وجباتنا بشكل مباشر على راحة البطن؛ فممارسات بسيطة كالتحدث أثناء المضغ، أو الشرب باستخدام القشة، أو استهلاك المشروبات الغازية، تؤدي جميعها إلى ابتلاع كميات من الهواء تزيد من الضغط الداخلي. وللتخفيف من هذه الوطأة، يُنصح بتبني عادات صحية مثل ممارسة المشي الهادئ لبضع دقائق بعد الانتهاء من الأكل، مما يحفز حركة الأمعاء ويساعد في تصريف الغازات المحبوسة بشكل طبيعي وفعال.

يمكن أيضًا الاستعانة بكنوز الطبيعة لتهدئة الجهاز الهضمي، حيث تعمل مشروبات الأعشاب الدافئة كالنعناع والزنجبيل والبابونج على إرخاء العضلات الهضمية وتقليل التقلصات. وفي بعض الحالات، قد يكون اللجوء للمكملات التي تحتوي على إنزيمات هاضمة متخصصة أو بكتيريا نافعة (بروبيوتيك) حلاً مساعدًا لاستعادة التوازن الحيوي داخل الأمعاء. في النهاية، يجب التعامل مع هذه الإشارات الجسدية بوعي، من خلال المضغ المتأني وتعديل السلوكيات اليومية، مع ضرورة استشارة المختصين إذا استمرت مشكلة الانتفاخ وتكررت لضمان سلامة القولون واستبعاد أي مشكلات صحية أخرى تعيق الامتصاص السليم.