كثيرًا ما نتعامل مع دخول دورة المياه كإجراء روتيني تلقائي، متأثرين بنصائح تلقيناها منذ نعومة أظفارنا بضرورة “تفريغ المثانة” قبل مغادرة المنزل كخطوة احترازية لتفادي أي مواقف محرجة لاحقًا. ورغم أن هذه العادة تبدو منطقية وتحولت مع الوقت إلى جزء لا يتجزأ من سلوكيات البالغين قبل أي رحلة أو خروج طويل، إلا أن الأوساط الطبية الحديثة بدأت تدق ناقوس الخطر بشأنها، مشيرة إلى أن هذا التصرف قد يحمل في طياته أضرارًا خفية تؤثر سلبًا على صحة الجهاز البولي مع مرور الزمن.
وفي هذا السياق، نبهت الدكتورة داريا سادوفسكايا، المتخصصة في أمراض الكلى والمناعة، من مغبة إجبار الجسم على التبول دون وجود دافع فسيولوجي حقيقي. وتستند في تحذيرها إلى حقيقة أن المثانة ليست مجرد وعاء للتخزين، بل هي جزء من منظومة عصبية وعضلية معقدة ودقيقة؛ فهذا العضو مصمم لإرسال تنبيهات للدماغ فقط عندما يمتلئ فعليًا بالسوائل، وبالتالي فإن محاولة الإفراغ دون وجود هذا الامتلاء تُحدث إرباكًا في قنوات الاتصال الطبيعية بين المثانة والجهاز العصبي.
تكرار هذا السلوك يؤدي عمليًا إلى “إعادة برمجة” استجابة الجسم بشكل خاطئ، حيث يعتاد الجهاز العصبي على إطلاق إشارات الرغبة في التبول مبكرًا جدًا حتى وإن كانت المثانة شبه خالية. وبمرور الوقت، يجد الشخص نفسه أسيرًا لرغبة دائمة وملحة في دخول الحمام، مما يولد شعورًا مستمرًا بالقلق والتوتر قبل أي نشاط خارج المنزل، فضلاً عن احتمالية إصابة عضلات قاع الحوض بالتشنج والإجهاد نتيجة الضغط المتكرر عليها دون داعٍ.
لذا، يكمن المفتاح للحفاظ على كفاءة المثانة وجودة الحياة اليومية في التخلي عن هوس الاحتياط الزائد، والاعتماد بدلاً من ذلك على الاستجابة لإشارات الجسم الطبيعية فقط. فاحترام التوقيت الفعلي الذي يحدده الجسم عند الحاجة هو الضمانة الأفضل لتجنب اختلال التوازن العصبي والمشاكل الصحية المعقدة التي قد تنشأ عن عادات بسيطة نعتقد خطأً أنها غير مؤذية.
التعليقات